المتوكل فنذر إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فكتب إلى الهادي عليه السلام يسأله، فكتب: تصدق بثمانين درهما، وكتب قال الله لرسوله صلى الله عليه وآله: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " (1) والمواطن التي نصر الله رسوله ثمانون موطنا، فثمانون درهما من حله مال كثير " وحينئذ فمتى أطلق الكثير من غير فرق بين الدراهم وغيرها أريد منه المصداق المفسر بما عرفت كشفا من الشارع أو تحديدا كالمسافة والوجه والركوع.
لكن في المسالك هنا " أن الحكم مختص بالنذر فلا يتعدى إلى غيره من الاقرار والوصايا ونحوها، وقوفا فيما خالف الأصل على مورده، وقد تقدم الكلام في ذلك في البابين ".
وفيه أن مقتضى ذلك العمل به في خصوص النذر وإن كان على خلاف قصد الناذر تعبدا للخبرين، وهو بعيد، بل المتجه ما ذكرناه من أنه لا فرق فيه بين النذر وغيره، بل لو نوى الناذر إرادة الكثير في عرفه وفرضنا صدقه على الأقل من ذلك أو أن أقل مصداقه أكثر من ذلك لزمه ما نوى، وكذا الكلام في لفظ القديم، فتأمل جيدا.
ومنه يعلم ما في قوله أيضا من أن " الحكم مقصور على نذر الشئ الكثير، كما هو مورد الرواية، وفي معناه أو الأولى منه نذر دراهم كثيرة، وفي الرواية المرسلة جعل مورد النذر المال كما فرضه المصنف وجماعة وفي تعديته إلى غير ذلك كما لو نذر أن يتصدق بثياب كثيرة أو دنانير كثيرة وجهان: من خروجه عن مورد النص المخالف للأصل، ومن أن الكثرة إذا ثبتت مقدرة بشئ ثبتت فيما ناسبه، خصوصا على ما يشعر به التعليل، فإنه يدل على إطلاق الكثير بذلك العدد على كل شئ، وبهذا حكم العلامة في المختلف والشهيد في الدروس، ولا يخلو من نظر، لأن الكثير استعمل لغة وعرفا في غير ذلك العدد، ودعوى أن ذلك تقدير شرعي، وهو مقدم