بل لو لم يكن هذا المراد لما كان وجه لاستثناء الإذن، ضرورة خلو النصوص المزبورة عن الصحة معها التي لا خلاف فيها بين الأصحاب، بل الاجماع ظاهرا عليها، وليس إلا لأن المراد من التركيب المزبور ما ذكرناه، ومعها لاحقا أو سابقا لا معارضة بين الولد والوالد، وليس ذا من الايقاف في شئ، بل أقصاه بقاء اليمين على مقتضى الصحة التي لم يتحقق معارضة المانع لها وهو النهي.
ومن هنا كان فتوى أكثر الأصحاب على ذلك حتى المصنف ولا تناقض في كلامه، ضرورة كون المراد بأوله من عدم الانعقاد بقرينة آخره أن للوالد مثلا الحل، فهي يمين متزلزلة، ويصدق عليها أنها غير منعقدة، لا أن المراد من عدم انعقادها فسادها حتى يكون منافيا لتفريع الحل، بل لعل التأمل يقتضي القطع بكون المراد ذلك.
فمن الغريب غفلة هؤلاء المتأخرين عن ذلك مع أنه الأصح، وكذا غفلتهم عن حكم المستثنى، فإن متأخري المتأخرين أخذوا الأصحاب بأن وجهه غير واضح، لاطلاق النص، وعدم دليل على إخراج هذا الفرد، وتعين الفعل عليه وجودا وعدما لا يقتضي ترتب آثار انعقاد الحلف عليه حتى تترتب الكفارة على الحنث.
وأغرب من ذلك قوله في الرياض: " ويمكن أن يوجه كلام الجماعة بما لا ينافي ذلك، بأن يراد من الاحلال الأمر بترك ما حلف على فعله، أو فعل ما حلف على تركه، ونفي جواز الاحلال بهذا المعنى لا ينافي عدم انعقاد اليمين أصلا وربما يشير إلى إرادة هذا المعنى عبارة الدروس الموافقة للعبارة في الاستثناء، حيث قال في كتاب النذر وللزوج حل نذر الزوجة فيما عدا فعل الواجب وترك الحرام حتى في الجزاء عليهما، وكذا السيد لعبده، والوالد لولده على الظاهر فتدبر ".
إذ هو كما ترى مناف لما هو كالصريح في كلامهم من أن الاستثناء من الانعقاد لا من الاحلال.
بل الوجه في كلامهم عدم شمول النصوص المزبورة لهذا الفرد، ضرورة كون