على الأثر: " اتخذوا أيمانهم جنة ".
وفيه أنه لا وجه لجعل ذلك منهم إنشاء يمين مع عدم ذكر لفظ الجلالة، فلا بد مع فرض إرادة اليمين منهم على ذلك بقوله تعالى: " اتخذوا أيمانهم " من كون اليمين منهم بغير اللفظ المزبور، نعم هو لا يخلو من قوة من، لتعارف اليمين به في العرف واستعماله في أيمان اللعان، إلا أن ذلك مع العلم بقصد اليمين منه.
أما مع الاطلاق فقد يظهر من المصنف بل والفاضل في القواعد الحكم بيمينه أيضا، بل حكاه عن الشيخ أيضا بقوله: * (وفيه للشيخ قولان) * ونحوه الشهيد في الدروس، إلا أن الذي حكاه عنه في المسالك التصريح باعتبار القصد فيه وأنه لا يكون يمينا مع الاطلاق، بل حكى عنه فيها أن لفظ القسم كذلك، نعم غيره فرق بينهما ولعل الفرق أن لفظ القسم ظاهر في ذلك وحمله على غيره خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا مع دعوى إرادته، بخلاف الشهادة.
بل في المسالك " بهذا المعنى صرح غير الشيخ من أتباعه والعلامة في المختلف والتحرير - ثم قال -: فإن قيل: القصد معتبر في سائر الأيمان فكيف ينعقد هنا مع الاطلاق؟ فيكون تقييد الشيخ أجود من إطلاق من حكم بصحته مع الاطلاق قلنا: ليس المراد من القصد الذي لم يعتبره القصد إلى اليمين الموجب لانعقاده في نفس الأمر، لأن ذلك لا نزاع في اعتباره، وإنما الكلام في القصد الذي لا يحكم بوقوعه من اللفظ إذا لم يكن صريحا، وإذا كان صريحا يحكم بوقوعه على من تلفظ به ظاهرا وإن لم يعلم منه قصده إلى مدلول اللفظ، وإن كان محتملا على السواء لا نحكم به إلا مع تصريحه بإرادة المعنى المطلوب، هذا بحسب الظاهر وأما فيما بينه وبين الله تعالى فالمعتبر ما نواه، وحينئذ فيحكم بوقوع اليمين ممن سمع منه قول: " أقسمت بالله لأفعلن " ما لم يخبر عن إرادة الخبر، ولا نحكم على من سمع منه " أشهد بالله لأفعلن " إلا من إخباره بإرادة اليمين، وعلى قول الشيخ لا يحكم باليمين فيهما إلا مع إخباره بإرادة اليمين، كما لو تلفظ بالكنايات في الطلاق والظهار وقلنا بوقوعه بها أو ببعضها على ما سبق تحقيقه ".