لأحدهما، فيحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر، ولأن العقد الذي تشخص بالعوض الذي يدعيه المالك غير العقد الذي تشخص بما يدعيه العامل، فكان الاختلاف فيه كالاختلاف في الجنس، وهذا هو الذي اختاره العلامة في القواعد.
ولكن في المسالك فيه نظر، لأن العقد متفق عليه، وإنما الاختلاف في زيادة العوض ونقصانه، فكان كالاختلاف في قدر الثمن في البيع، وقدر الأجرة في الإجارة، والقدر الذي يدعيه المالك متفق على ثبوته فيهما، وإنما الاختلاف في الزائد، فيقدم قول منكره، وقاعدة التحالف أن لا يجتمعا على شئ، بل يكون كل منكرا لجميع ما يدعيه الآخر، ثم على تقدير التحالف فالذي يثبت بعد تحالفهما فيه الأوجه المتقدمة من أجرة المثل والأقل واختار في القواعد ثبوت أقل الأمرين ما لم يزد ما ادعاه المالك على أجرة المثل، فيثبت الزيادة بتقريب ما سبق ويبقى الاشكال في توقف ثبوت ما يدعيه المالك زائدا عن أجرة المثل أو مساويا على اليمين، كما مر.
قلت: قد تقدم الكلام منا في نظير المسألة في كتاب البيع وغيره، وقلنا هناك: إن المدار على كيفية إبراز الدعوى، فإن أبرزاها على وجه يقتضي اختلافهما في تعيين شخص ما وقع من السبب فلا ريب في أن المتجه التحالف، ضرورة اقتضاء دعوى كل منهما نفي ما يدعيه الآخر واتفاقهما على جنس العقد الذي قد تشخص بالشخص الذي اختلفا فيه لا ينافي ضابط التحالف، كما هو واضح.
وإن أبرزاها على وجه يقتضي الدعوى من أحدهما والانكار من الآخر كما لو كانت في الزيادة والنقصان من حيث كونهما كذلك فلا ريب في أن القول قول المالك، كما اعترف به في جامع المقاصد في المقام، فقال: إنه إذا كان صورة الاختلاف بينهما " استحق عليك كذا بسبب الفعل الفلاني " فقال المالك: " بل كذا " فإنه يحلف لنفي الزائد ولا يمين من طرف العامل، وهو مؤيد لما تقدم