أذربيجان ونتصل ببلاد العجم فما فيها من يمنع عنها.
ثم أذن لأخيه العادل في المضي إلى الكرك وكان له وقال له تجهز واحضر لتسير فلما سار إلى الكرك مرض صلاح الدين وتوفي قبل عوده.
وكان رحمه الله كريما حليما حسن الأخلاق متواضعا صبورا على ما يكره كثير التغافل عن ذنوب أصحابه يسمع من أحدهم ما يكره ولا يعلمه بذلك ولا يتغير عليه.
وبلغني أنه كان جالسا وعنده جماعة فرمى بعض المماليك بعضا بسرموز فأخطأته ووصلت إلى صلاح الدين فأخطأته ووقعت بالقرب منه فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه ليتغافل عنها.
وطلب مرة الماء فلم يحضر وعاود الطلب في مجلس واحد خمس مرات فلم يحضر فقال يا أصحابنا والله قد قتلني العطش فأحضر الماء فشربه ولم ينكر التواني في إحضاره.
وكان مرة قد مرض مرضا شديدا أرجفت عليه بالموت فلما برء منه وأدخل الحمام كان الماء حارا فطلب ماء باردا فأحضره الذي يخدمه فسقط من الماء شيء على الأرض فناله منه شيء فتألم لضعفه ثم طلب البارد أيضا فأحضر فلما قاربه سقطت الطاسة على الأرض فوقع الماء جميعه عليه فكاد يهلك فلم يزد على أن قال للغلام إن كنت تريد قتلي فعرفني فاعتذر إليه فسكت عنه.
وأما كرمه فإنه كان كثير البذل لا يقف في شيء يخرجه ويكفي دليلا على كرمه أنه لما مات لم يخلف في خزائنه غير دينار واحد صوري وأربعين درهما ناصرية وبلغني أنه اخرج في مدة مقامه على عكا قبالة الفرنج ثمانية عشر الف دابة من فرس وبغل سوى الجمال وأما العين والثياب والسلاح فإنه لا يدخل تحت الحصر ولما انقرضت الدولة العلوية