وفاة والده الملك العادل عشر سنين وخمسة اشهر وثلاثة وعشرين يوما. وكان عالما بعدة علوم فاضلا فيها منا الفقه على مذهب أبي حنيفة فإنه كان قد اشتغل به كثيرا وصار من المتميزين فيه ومنها علم النحو فإنه اشتغل به أيضا اشتغالا زائدا وصار فيه فاضلا وكذلك اللغة وغيرها وكان قد أمر أن يجمع له كتاب في اللغة جامع كبير فيه كتاب الصحاح للجوهري ويضاف اليه ما فات الصحاح من التهذيب للأزهري والجمهرة لابن دويد وغيرهما وكذلك أيضا امر بأن يرتب مسند احمد بن حنبل على الأبواب ويرد كل حديث إلى الباب الذي يقتضيه معناه مثاله ان يجمع أحاديث الطهاة وكذلك يفعل في الصلاة وغيرها من الرقائق والتفسير والغزوات فيكون كتابا جامعا.
وكان قد سمع المسند من بعض أصحاب ابن الحصين ونفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأجرى عليهم الجرايات الوافرة وقربهم [وكان] يجالسهم ويستفيد منهم ويفيدهم وكان يرجع إلى علم وصبر على سماع ما يكره لم يسمع أحد ممن يصحبه منه كلمة تسوءه.
وكان حسن الاعتقاد يقول كثيرا إن اعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي ووصى عند موته بأن يكفن في البياض ولا يجعل في أكفانه ثوب فيه ذهب وأن يدفن في لحد ولا يبنى عليه بناء بل يكون قبره في الصحراء تحت السماء ويقول في مرضه لي عند الله تعالى في أمر دمياط ما أرجو ان يرحمني به.
ولما توفي ولي بعده ابنه داود ويلقب الملك الناصر وكان عمره قد قارب عشرين سنة.