أخذ الموصل وغيرها وأطمع نور الدين أيضا في أن يعطي هذه البلاد إذا ملكها لولده الذي هو زوج ابنة نور الدين ويكون مقامه في خدمته بالموصل واستقرت القاعدة على ذلك وتحالفا عليها فبادر العادل إلى المسير من دمشق إلى الفرات في عساكره وقصد الخابور فأخذه.
فلما سمع نور الدين بوصوله كأنه خاف واستشعر فأحضر من يرجع إلى رأيهم وقولهم وعرفهم وصول العادل واستشارهم فيما يفعله فأما من أشار عليه فسكتوا وكان فيهم من لم يعلم هذه الحال فعظم الأمر وأشار بالاستعداد للحصار وجمع الرجال وتحصيل الذخائر وما يحتاج إليه فقال نور الدين نحن فعلنا ذلك وخبره فقال بأي رأي تجيء إلى عدو لك هو أقوى منك وأكثر جمعا وهو بعيد منك متى تحرك لقصدك تعلم به فلا يصل إلا وقد فرغت من جميع ما تريده تسعى حتى يصير قريبا منك ويزداد قوة إلى قوته.
ثم إن الذي استقر بينكما أنه لما يملكه أولا بغير تعب ولا مشقة وتبقى أنت لا يمكنك أن تفارق الموصل إلى الجزيرة وتحصرها والعادل ههنا هذا إن وفى لك بما استقرت القاعدة عليه لا يجوز أن تفارق الموصل وإن عاد إلى الشام لأنه قد صار له ملك خلاط وبعض ديار بكر وديار الجزيرة جميعها والجميع بيد أولاده فمتى سرت عن الموصل أمنكم أن يحولوا بينك وبينها فما زدت على أن آذنت نفسك وابن عمك وقويت عدوك وجعلته شعارك وقد فات الأمر وليس يجوز إلا أن تقف معه على ما استقر بينكما لئلا يجعل ذلك حجة ويتبدئ بك.
هذا والعادل قد ملك الخابور ونصيبين وسار إلى سنجار فحصرها،