ثم ان بعض مماليك شاه أرمن اسمه بلبان وكان قد جاهر ولد بكتمر بالعداوة والعصيان سار من خلاط إلى بلاد ماز كرد وملكها واجتمع الأجناد عليه وكثر جمعه وسار إلى خلاط فملكها واتفق وصول صاحب ماردين إليها وهو يظن أن أحدا لا يمتنع عليه ويسلمون إليه المدينة فنزل قريبا من خلاط عدة أيام فأرسل إليه بلبان يقول له إن أهل خلاط قد اتهموني بالميل إليك وهم ينفرون من العرب والرأي أنك ترحل عائدا مرحلة واحدة وتقيم فإذا تسلمت البلد سلمته إليك لأنني لا يمكنني أن أملكه أنا.
ففعل صاحب ماردين ذلك فلما أبعد عن خلاط أرسل إليه يقول له تعود إلى بلدك وإلا جئت إليك وأوقعت بك وبمن معك وكان في قلة من الجيش فعاد إلى ماردين.
وكان الملك الأشرف موسى بن العادل أبي بكر بن أيوب صاحب حران وديار الجزيرة قد أرسل إلى صاحب ماردين لما سمع أنه يريد قصد خلاط يقول له إن سرت إلى خلاط قصدت بلدك وانما خاف ان يملك خلاط فيقوى عليهم فلما سار إلى خلاط جمع الأشرف العساكر وسار إلى ولاية ماردين فأخذ دخلها وأقام بدنيسر حتى تجيء الأموال إليه فلما فرغ منه عاد إلى حران فكان مثل صاحب ماردين كما قيل خرجت النعامة تطلب قرنين عادت بلا أذنين.
وأما بلبان فإنه جمع العسكر وحشد وحصر خلاط وضيق على أهلها وبها ولد بكتمر فجمع من عنده بالبلد من الأجناد والعامة وخرج إليه فالتقوا فانهزم بلبان ومن معه من بين يديه وعاد إلى الذي بيده من البلاد وهو ملان كرد وأرجيش وغيرهما من الحصون وجمع العساكر واستكثر منها وعاود حصار خلاط وضيق على أهلها فاضطرهم إلى خذلان