وبذلا عنه تقربا إلى خزانة السلطان مالا جليلا فأجاب السلطان إلى توليته لما يعلمه من كفايته لما يليه فأحضروه وولاه البلاد كلها وكتب منشوره بها.
وسار فبدأ بالبوازيج ليملكها ويتقوى بها ويجعلها ظهره لأنه خاف من جاولي أنه ربما صده عن البلاد فلما دخل البوازيج سار عنها إلى الموصل.
فلما سمع جاولي بقربه من البلد خرج إلى تلقيه ومعه جميع العسكر فلما رآه جاولي نزل عن فرسه وقبل الأرض بين يديه وعاد في خدمته إلى الموصل فدخلها في رمضان، وأقطع جاولي الرحبة وسيره إليها وأقام بالموصل يصلح أمورها ويقرر قواعدها فولى نصير الدين دزدارية القلعة وجعل إليه سائر دزدارية القلاع وجعل صلاح الدين أميرا حاجبا وبهاء الدين قاضي قضاة بلاده جميعها وزاده أملاكا وأقطاعا واحتراما، وكان لا يصدر إلا عن رأيه.
فلما فرغ من أمر الموصل سار عنها إلى جزيرة ابن عمر وبها مماليك البرسقي فامتنعوا عليه فحصرهم وراسلهم وبذل لهم البذول الكثيرة إن سلموا فلم يجيبوه إلى ذلك فجد في قتالهم وبينه وبين البلد دجلة فأمر الناس فألقوا أنفسهم في الماء ليعبروه إلى البلد ففعلوا وعبر بعضهم سباحة وبعضهم في السفن وبعضهم في الأكلاك وتكاثروا على أهل الجزيرة وكانوا قد خرجوا عن البلد إلى أرض بين الجزيرة ودجلة تعرف بالزلاقة ليمنعوا من يريد عبور دجلة، فلما عبر العسكر إليهم قاتلوهم ومانعوهم فتكاثر عسكر عماد الدين عليهم فانهزم أهل البلد ودخلوه وتحصنوا بأسواره واستولى عماد الدين على الزلاقة فلما رأى من بالبلد ذلك ضعفوا ووهنوا وأيقنوا أن البلد يملك سلما أو عنوة فأرسلوا يطلبون الأمان فأجابهم إلى