وأقبل دبيس نحوه فالتقوا عند نهر بشير شرقي الفرات واقتتلوا فانهزم عسكر البرسقي.
وكان سبب الهزيمة أنه رأى في مسيرته خللا وبها الأمراء البكجية فأمر بإلقاء خيمته عند الميسرة ليقوى قلوب من بها فلما رأوا الخيمة وقد سقطت ظنوها عن هزيمة فانهزموا وتبعهم الناس والبرسقي.
وقيل بل أعطى رقعة فيها إن جماعة من الأمراء منهم إسماعيل البكجي يريدون الفتك به فانهزم وتبعه العسكر ودخل بغداد ثاني ربيع الآخر، وكان في جملة العسكر نصر بن النفيس بن مهذب الدولة أحمد بن أبي الجبر وكان ناظر بالبطيحة لريحان محكويه خادم السلطان لأنها كانت من جملة أقطاعه وحضر أيضا المظفر بن حماد بن أبي الجبر وبينهما عداوة شديدة فالتقيا عند الانهزام بساباط نهر ملك فقتله المظفر ومضى إلى واسط محتفيا وسار منها إلى البطيحة وتغلب عليها وكاتب دبيسا وأطاعه.
وأما دبيس فإنه لم يعرض لنهر ملك ولا غيره وأرسل إلى الخليفة أنه على الطاعة ولولا ذلك لأخذ البرسقي وجميع من معه وسأل أن يخرج الناظر إلى القرى التي لخاص الخليفة لقبض دخلها.
وكانت الوقعة في حزيران وحمى البلد فأحمد الخليفة فعله وترددت الرسل بينهما فاستقرت القاعدة أن يقبض المسترشد بالله على وزيره جلال الدين أبي علي بن صدقة ليعود إلى الطاعة فقبض على الوزير ونهبت داره ودور أصحابه والمنتمين إليه وهرب ابن أخيه جلال الدين أو الرضا إلى الموصل.
ولما سمع السلطان خبر الوقعة قبض على منصور بن صدقة أخي دبيس وولده ورفعهما إلى قلعة برحين وهي تجاوز كرج.