السير عازما على أخذ دمشق وقصد الفرنج في طرابلس وإبعادهم عنها فوصل إلى القريتين.
واتصل خبره بطغتكين فخاف عاقبة ما صنع ولقوة فكره زاد مرضه ولامه أصحابه على ما فرط في تدبيره وخوفوه عاقبة ما فعل وقالوا له قد رأيت سيدك تاج الدولة لما استدعاه إلى دمشق ليمنعه كيف قتله عينه عليه.
فبينما هم يدبرون الرأي بأي حيلة يردونه أتاهم الخبر بأنه وصل القريتين ومات وحمله أصحابه وعادوا به فأتوهم فرج لم يحسبوه وكان مرضه الذي مات به الخوانيق يعتريه دائما فأشار عليه أصحابه بالعود إلى حصن كيفا، فامتنع وقال بل أسير فإن عوفيت تممت ما عزمت عليه ولا يراني الله تثاقلت عن قتال الكفار خوفا من الموت وإن أدركني أجلي كنت شهيدا سائر في جهاد فساروا فاعتقل لسانه يومين ومات في صفر وبقي ابنه إبراهيم في أصحابه وجعل في تابوت وحمل إلى الحصن.
وكان حازما داهيا ذا رأي كثير الخير، وقد ذكرنا سبب أخذه لحصن كيفا.
وأما ملكه ماردين فإن كربوقا خرج من الموصل فقصد آمد وحارب صاحبها فاستنجد صاحبها وهو تركماني بسقمان فحضر عنده وصاف كربوقا.
وكان عماد الدين زنكي بن آقسنقر حينئذ صبيا قد حضر مع كربوقا ومعه جماعة كثيرة من أصحاب أبيه فلما اشتد القتال ظهر سقمان، فألقى