نحو خمسة أيام فهرب كندغدي إلى قدرخان وحلف كل واحد منهما لصاحبه على الاتفاق والمناصحة وسار من عنده إلى ترمذ فملكها. وكان الباعث للكندغدي على ما فعل حسده للأمير بزغش على منزلته.
ثم تقدم قدرخان فلما تدانى العسكران أرسل سنجر يذكر قدرخان العهود والمواثيق القديمة فلم يصغ إلى قواه وأذكى سنجر العيون والجواسيس على قدرخان فكان لا يخفي عنه شيء من خبره فأتاه من أخبر أنه نزل بالقرب من بلخ وأنه خرج متصيدا في ثلاثمائة فارس فندب سنجر عند ذلك الأمير بزغش لقصده فسار إليه فلحقه وهو على تلك الحال فقاتله فلم يصبر من مع قدرخان فانهزموا وأسر كندغدي وقدرخان وأحضرهما عند سنجر، فأما قدرخان فإنه قبل الأرض واعتذر فقال له سنجر إن خدمتنا أو لم تخدمنا فما جزاؤك إلا السيف ثم أمر به فقتل.
فلما سمع كندغدي الخبر نجا بنفسه في قناة ومشى فيها فرسخين تحت الأرض على ما به من النقرس، وقتل فيها حيتين عظيمتين وسبق أصحابه إلى مخرجها وسار منها في ثلاثمائة فارس إلى غزنة. وقيل: بل جمع سنجر عساكر كثيرة والتقى هو وقدرخان وجرى بينهما مصاف وقتال عظيم كثير فيه القتل فيهم فانهزم قدرخان وعسكره وحمل أسيرا إلى سنجر فقتله وحصر ترمذ وبها كندغدي فطلب الأمان فأمنه سنجر ونزل إليه وسلم ترمذ فأمره سنجر بمفارقة بلاده فسار إلى غزنة فلما وصل إليها أكرمه صاحبها علاء الدولة وحل عنده المحل الكبير.