ولما ثقل نقل أرباب دولته أموالهم إلى حريم دار الخلافة ولما توفي سترت زوجته تركان خاتون المعروفة بخاتون الجلالية موته وكتمته وأعادت جعفر بن الخليفة من ابنة السلطان إلى أبيه المقتدي بأمر الله وسارت من بغداد والسلطان معها محمولا وبذلت الأموال للأمراء سرا، واستحلفتهم لابنها محمود، وكان تلج الملك يتولى ذلك لها وأرسلت قوام الدولة كربوقا الذي صار صاحب الموصل إلى أصبهان بخاتم السلطان فاستنزل مستحفظ القلعة وتسلمها وأظهر أن السلطان أمره بذلك ولم يسمع بسلطان مثله لم يصل عليه أحد ولم يلطم عليه وجه.
وكان مولده سنة سبع وأربعين وأربعمائة وكان من أحسن الناس صورة ومعنى وخطب له من حدود الصين إلى آخر الشام ومن أقاصي بلاد الإسلام في الشمال إلى آخر بلاد اليمن وحمل إليه ملوك الروم الجزية ولم يفته مطلب وانقضت أيامه على أمن عام وسكون شامل وعدل مطرد.
ومن أفعاله أنه لما خرج عليه أخوه تكش بخراسان اجتاز بمشهد علي بن موسى الرضا بطوس فزاره فلما خرج قال لنظام الملك بأي شيء دعوت قال دعوت الله أن ينصرك؛ فقال أما أنا فلم أدع بهذا بل قلت اللهم انصر أصلحنا للمسلمين وأنفعنا للرعية.
وحكى عنه أن سواديا لقيه وهو يبكي فاستغاث به، وقال كنت ابتعت بطيخا بدريهمات لا أملك سواها فغلبني عليه ثلاثة نفر من الأتراك فأخذوه مني فقال السلطان له اقعد! ثم أحضر فراشا وقال قد اشتهيت بطيخا وكان ذلك عند أول استوائه وأمره بطلبه من العسكر فغاب ثم عاد