فلما رأى شرف الدولة أنه محصور خاف على نفسه فراسل الأمير أرتق وبذل له مالا وسأله أن يمن عليه بنفسه ويمكنه من الخروج من آمد وكان هو على حفظ الطرق والحصار فلما سمع أرتق ما بذل له شرف الدولة أذن له في الخروج فخرج منها في الحادي إلى ميافارقين ومعه من الأمراء الأمير بهاء الدولة منصور بن مزيد وابنه سيف الدولة صدقة ففارقوه وعادوا إلى العراق وسار فخر الدولة إلى خلاط.
ولما استولى العسكر السلطاني على حلل العرب وغنموا أموالهم وسبوا حريمهم بذل سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد الأموال وافتك اسرى بني عقيل ونساءهم وأولادهم وجهزهم وردهم إلى بلادهم ففعل أمرا عظيما وأسدى مكرمة شريفة ومدحه الشعراء في ذلك فأكثروا فمنهم محمد بن محمد بن خليفة السنبسي يذكر ذلك في قصيدة:
(كما أحرزت شكر بني عقيل * بآمد يوم كظهم الحذار) (غداة رمتهم الأتراك طرا * بشهب في حوافلها ازورار) (فما جبنوا ولكن فاض بحر * عظيم لا تقاومه البحار) (فحين تنازلوا تحت المنايا * وفيهن الرزية والدمار) (مننت عليهم وفككت عنهم * وفي أثناء حبلهم انتشار) (ولولا أنت لم ينفك منهم * أسير حين أعلقه الأسار) في أبيات كثيرة، وذكر أيضا البندنيجي أبياتا فأحسن ولولا خوف التطويل لذكرت أبياته.