ما يلي تلك الناحية من قبل قائد الزنج فهومه وأخرجه عن واسط فدخلها ذكر الخبر عن هذه الوقعة وسببها * ذكر أن السبب في ذلك كان أن سليمان بن جامع الموجه كان من قبل قائد الزنج إلى ناحية الحوانيت والبطائح لما هزم جعلان التركي عامل السلطان وأوقع بأغرتمش ففل عسكره وقتل خشيشا ونهب ما كان معهم كتب إلى صاحبه قائد الزنج يستأذنه في المصير إليه ليحدث به عهدا ويصلح أمورا من أمور منزله فلما أنفذ الكتاب بذلك أشار عليه أحمد بن مهدي الجبائي بتطرق عسكر البخاري وهو يومئذ مقيم ببردودا فقبل ذلك وسار إلى بردودا فوافى موضعا يقال له أكرمهر وذلك على خمسة فراسخ من عسكر تكين فلما وافى ذلك الموضع قال الجبائي لسليمان إن الرأي أن تقيم أنت ههنا وأمضى أنا في السميريات فأجر القوم إليك وأتعبهم فيأتوك وقد لغبوا فتنال حاجتك منهم ففعل سليمان ذلك فعبى خيله ورجالته في موضعه ذلك ومضى أحمد بن مهدي في السميريات مسحرا فوافى عسكر تكين فقاتله ساعة وأعد تكين خيله ورجاله وتطارد الجبائي له وأنفذ غلاما إلى سليمان يعلمه أن أصحاب تكين واردون عليه بخيلهم فلقى الرسول سليمان وقد أقبل يقفو أثر الجبائي لما أبطأ عليه خبره فرده إلى معسكره ووافى رسول آخر للجبائي بمثل الخبر الأول فلما رجع سليمان إلى عسكره أنفذ ثعلب ابن حفص البحراني وقائدا من قواد الزنج يقال له منينا في جماعة من الزنج فجعلهما كمينا في الصحراء مما يلي ميسرة خيل تكين وأمرهما إذا جاوزهم خيل تكين أن يخرجوا من ورائهم فلما علم الجبائي أن سليمان قد أحكم لهم خيله وأمر الكمين رفع صوته ليسمع أصحاب تكين يقول لأصحابه غررتموني وأهلكتموني وقد كنت أمرتكم أن لا تدخلوا هذا المدخل فأبيتم إلا القائي وأنفسكم هذا الملقى الذي لا أرانا ننجوا منه فطمع أصحاب تكين لما سمعوا قوله وجدوا في طلبه وجعلوا ينادون بلبل في قفص وسار الجبائي سيرا حثيثا وأتبعوه يرشقونه بالسهام حتى جاوزوا موضع الكمين وقاربوا عسكر سليمان وهو كامن من وراء الجدر
(٣٦)