أصعدوا إلى أعمال الشأم التي كان هارون بن خمارويه قوطع عليها وأسند أمرها هارون إلى طغج بن جف فأناخ عليها وهزم كل عسكر لقيه لطغج حتى حصره في مدينة دمشق فأنفذ المصريون إليه بدرا الكبير غلام ابن طولون فاجتمع مع طغج على محاربته فواقعهم قريبا من دمشق فقتل الله عدو الله يحيى بن زكرويه وكان سبب قتله فيما ذكر أن بعض البرابرة زرقه بمزراق واتبعه نفاط فزرقه بالنار فأحرقه وذلك في كبد الحرب وشدتها ثم دارت على المصريين الحرب فانحازوا فاجتمعت موالى بنى العليص إلى بنى العليص ومن معهم من الأصبغيين وغيرهم على نصب الحسين ابن زكرويه أخي الملقب بالشيخ فنصبوا أخاه وزعم لهم أنه أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد وهو ابن نيف وعشرين سنة وقد كان الملقب بالشيخ حمل موالى بنى العليص على صريحهم فقتلوا جماعة منهم واستذلوهم فبايعوا الحسين بن زكرويه المسمى بأحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بعد أخيه فأظهر شامة في وجهه ذكر أنها آيته وطرأ إليه ابن عمه عيسى بن مهرويه المسمى عبد الله وزعم أنه عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد فلقبه المدثر وعهد إليه وذكر أنه المعنى في السورة التي يذكر فيها المدثر ولقب غلاما من أهله المطوق وقلده قتل أسرى المسلمين وظهر على المصريين وعلى جند حمص وغيرها من أهل الشأم ويمسى بإمرة المؤمنين على منابرها وكان ذلك كله في سنة 89 وفى سنة 90. وفى اليوم التاسع من ذي الحجة من هذه السنة صلى الناس العصر في قمص الصيف ببغداد فهبت ريح الشمال عند العصر فبرد الهواء حتى احتاج الناس بها من شدة البرد إلى الوقود والاصطلاء بالنار ولبس المحشو والجباب وجعل البرد يزداد حتى جمد الماء (وفيها) كانت وقعة بين إسماعيل بن أحمد بالري ومحمد بن هارون وابن هارون فيما قيل حينئذ في نحو من ثمانية آلاف فانهزم محمد بن هارون وتقدم..
أصحابه وتبعه من أصحابه نحو من ألف ومضوا نحو الديلم فدخلها مستجيرا بها ودخل إسماعيل بن أحمد الري وصار زهاء ألف رجل فيما ذكر ممن انهزم من أصحابه إلى باب السلطان (وفى جمادى) الآخرة منها لأربع خلون منها ولى القاسم بن