وانتهز الفرصة في غفلة الفسقة وتفرقهم فلما وجد ذلك في آخر النهار قدمت السفينة فجرها الشذا حتى وردت النهر وأشعل فيها النيران وأرسلت وقد قوى المد فوافت القنطرة ونذر الزنج بها وتجمعوا وكثروا حتى ستروا الجسر وما يليه وجعلوا يقذفون السفينة بالحجارة والآجر ويهيلون عليها التراب ويصبون الماء وغاص بعضهم فنقبها وقد كانت أحرقت من الجسر شيئا يسيرا فأطفأه الفسقة وغرقوا السفينة وحازوها فصارت في أيديهم فلما رأى أبو أحمد فعلهم ذلك عزم على مجاهدتهم على هذا الجسر حتى يقطعه فسمى لذلك قائدين من قواد غلمانه وأمرهما بالعبور في جميع أصحابهما في السلاح الشاك واللامة الحصينة والآلات المحكمة وإعداد النفاطين والآلات التي تقطع بها الجسور فأمر أحد القائدين أن يقصد غربي النهر وجعل الآخر في شرقيه وركب الموفق في مواليه وخدامه وغلمانه الشذوات والسميريات وقصد فوهة نهر أبى الخصيب وذلك في غداة يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة 269 فسبق إلى الجسر القائد الذي كان أمر بالقصد له من غربي نهر أبى الخصيب فأوقع بمن كان موكلا به من أصحاب الفاسق وقتلت منهم جماعة وضرب الجسر بالنار وطرح عليه القصب وما كان أعد له من الأشياء المحرقة فانكشف من كان هناك من أعوان الخبيث ووافى بعد ذلك من كان أمر بالقصد للجسر من الجانب الشرقي ففعلوا ما أمروا به من إحراقه وقد كان الخبيث أمر ابنه أنكلاى وسليمان بن جامع بالمقام في جيشهما للمحاماة عن الجسر والمنع من قطعه ففعلا ذلك فقصد إليهما من كان بإزائهما وحاربوهم حربا غليظا حتى انكشفا وتمكنوا من إحراق الجسر فأحرقوه وتجاوزوه إلى الحظيرة التي كان يعمل فيها شذوات الفاسق وسميرياته وجميع الآلات التي كان يحارب بها فأحرق ذلك عن آخره الا شيئا يسيرا من الشذوات والسميريات كان في النهر وانهزم انكلاى وسليمان بن جامع وانتهى غلمان الموفق إلى سجن كان للخبيث في غربي نهر أبى الخصيب فحامى عنه الزنج ساعة من النهار حتى أخرجوا منه جماعة وغلبهم عليه غلمان الموفق فتخلصوا من كان فيه من الرجال والنساء وتجاوز
(١٢٢)