ليال بقين من المحرم سنة 270 فجعل بعض من كان على النهر المعروف بجوى كور يزحف قبل ظهور العلامة حتى قرب من دار المهلبي فلقيه وأصحابه الزنج فردوهم إلى مواضعهم وقتلوا منهم جمعا ولم يشعر سائر الناس بما حدث على هؤلاء المتسرعين للقتال لكثرتهم وبعد المسافة فيما بين بعضهم وبعض فلما خرج القواد ورجالهم من المواضع التي أمروا بالخروج منها واستوى الفرسان والرجالة في أماكنهم أمر الموافق بتحريك العلم والنفخ في البوق ودخل النهر في الشذا وزحف الناس يتلو بعضهم بعضا فلقيهم الزنج قد حشدوا وجموا واجترأوا بما تهيأ لهم على من كان تسرع إليهم فلقيهم الجيش بنيات صادقة وبصائر نافذة فأزالوهم عن مواضعهم بعد كرات كانت بين الفريقين صرع فيها منهم جمع كثير وصبر أصحاب أبي أحمد فمن الله عليهم بالنصر ومنحهم أكتاف الفسقة فولوا منهزمين واتبعهم أصحاب الموفق يقتلون ويأسرون وأحاط أصحاب أبي أحمد بالفجرة من كل موضع فقتل الله منهم في ذلك اليوم ما لا يحيط به الاحصاء وغرق منهم في النهر المعروف بجوى كور مثل ذلك وحوى أصحاب الموفق مدينة الفاسق بأسرها واستنقذوا من كان فيها من الاسرى من الرجال والنساء والصبيان وظفروا بجميع عيال علي بن أبان المهلبي وأخويه الخليل ومحمد ابني أبان وسليمان بن جامع وأولادهم وعبر بهم إلى المدينة الموفقية ومضى الفاسق في أصحابه ومعه المهلبي وابنه انكلاى وسليمان بن جامع وقواد من الزنج وغيرهم هرابا عامدين لموضع قد كان الخبيث رآه لنفسه ومن معه ملجأ إذا غلبوا على مدينته وذلك على النهر المعروف بالسفياني وكان أصحاب أبي أحمد حين انهزم الخبيث وظفروا بما ظفروا به أقاموا عند دار المهلبي الواغلة في نهر أبى الخصيب وتشاغلوا بانتهاب ما كان في الدار وإحراقها وما يليها وتفرقوا في طلب النهب وكان كلما بقى للفاسق وأصحابه مجموعا في تلك الدار وتقدم أبو أحمد في الشذا قاصدا للنهر المعروف بالسفياني ومعه لؤلؤ في أصحابه الفرسان والرجالة فانقطع عن باقي الجيش فظنوا أنه قد انصرف فانصرفوا إلى سفنهم بما حووا وانتهى
(١٣٨)