الذي يريد حرثه جريب معلوم، وقد شوهد أو وصف، والاكتفاء بالعادة في معرفة السكة ومقدار نزولها في الأرض، كما أن التذكرة التصريح به، بل قيل: إنه لا يحتاج إلى تعيين الثور ونحوه، إلا أن تكون الإجارة واردة على عين.
قلت: قد يقال: إنها وإن كانت واردة على عين إلا أنه لا مدخلية لمعرفتها بالمشاهدة أو الوصف في ذلك، نعم قد يعتبر فيها عدم الابهام كأحد هذين ونحو ذلك، ولعل هذا هو الذي يريده القائل المزبور، هذا كله في التقدير بالعمل.
{و} أما {إن كان} قد استوجرت الدابة {لعمل مدة، كفى تقدير المدة} عن مشاهدة الأرض ووصفها نعم الظاهر وجوب معرفة الدابة كما صرح به في القواعد وغيرها، لاختلافها في القوة والضعف على وجه يحصل الغرر باعتبار قلة الحرث وكثرته، من غير فرق في ذلك بين وقوع الإجارة على عين الدابة، أو في الذمة.
ومن هنا قال في محكي التذكرة وجامع المقاصد: إن كل موضع وقع العقد فيه على مدة فلا بد من تعيين الظهر الذي يعمل عليه، لأن الغرض يختلف باختلاف الدابة في القوة والضعف، وإن وقع على عمل معين لم يحتج إلى معرفتها لأنه لا يختلف حينئذ.
بل ظاهر الفاضل في القواعد وجوب تعيين الأرض مع ذلك بأحد الأمرين أيضا، قال: " ولو استأجرت للحرث وجب تعيين الأرض بالمشاهدة أو الوصف، وتقدير العمل بتعينها أو بالمدة، وتعيين البقر، إن قدر العمل بالمدة، وكان وجهه اختلاف الحرث باختلافها، فلا يرفع الغرر التعيين بالمدة.
وفيه: أن العرف شاهد على ارتفاع الغرر بالضبط بالمدة وإن لم تشاهد الأرض ولم توصف، ولذا جعلوا الضبط بها مقابلا للضبط بالعمل، والأصل في ذلك ما في محكي المبسوط، فأما إن كان للحرث فلا بد من مشاهدة الثور، أو يذكر ثورا قويا من حاله وقصته، وأن يذكر الأرض لأنها تكون صلبة ورخوة، ولا بد من ذكر المدة، وفيه ما لا يخفى من عدم الاحتياج إلى المدة مع تقدير العمل بتعيين الأرض، كما لا حاجة إلى تعيينها مع التقدير بالمدة على الأصح.