الفصل {الثالث: في الموكل} {ويعتبر فيه البلوغ والعقل وأن يكون جائز التصرف فيما وكل فيه مما تصح فيه النيابة، فلا تصح وكالة الصبي} لسلب عبارته وفعله فضلا عن عدم جواز تصرفه {مميزا كان أو لم يكن} أذن فيه وليه أو لم يأذن، كما عرفته غير مرة.
نعم {ولو بلغ عشرا جاز أن يوكل فيما له التصرف فيه، كالوصية والصدقة} والعتق {والطلاق على رواية} بل في جامع المقاصد نسبة القول بها في الثلاثة الأول إلى الشيخ وجماعة، بل فيه " إن القول به وإن كان مشهورا إلا أن مستنده غير واضح " قلت: ستعرف في كتاب الوصية أن الأقوى جوازها فيه، إذا كانت بالمعروف لأرحامه وغيرهم، وفاقا للمشهور، أما غيرها فمحل بحث ومنع، وحينئذ لا بأس بتوكيله فيها، ضرورة ترتب صحتها على جواز ذلك له، لأن احتمال اعتبار المباشرة في الجواز له كما ترى، بل الظاهر بعد جوازه له، جواز تولية لغيره ممن يجوز منه صبيا أيضا وغيره، كما أومى إليه المصنف بقوله {وكذا يجوز أن يتوكل فيه،} لأن احتمال اختصاص اعتبار لفظه فيه نفسه بعيد عن مذاق الفقه.
{وكذا لا تصح وكالة المجنون} مطبقا أو أدوارا، بلا خلاف {و} لا اشكال، بل قد عرفت اتفاقهم ظاهرا فيما تقدم على أنه {لو عرض ذلك بعد التوكيل أبطل الوكالة} بل والإذن، وإن تأمل فيه المحدث البحراني بل مال إليه، لكنه في غير محله، كما أوضحناه سابقا.
ولعل الشرط الثالث كان مغنيا عن ذكر الأولين، ضرورة عدم جواز التصرف للصبي والمجنون، فلا تصح منهما الوكالة، ومن هنا عبر الفاضل عن هذا الشرط باعتبار ملك الموكل مباشرة ذلك التصرف بملك أو ولاية، ثم فرع عليه عدم الجواز للصبي والمجنون وغيرهما، والأمر سهل بعد وضوح الحال.