وأما لو عين مقداره وأوقع الشراء به فمقتضى الضوابط الشرعية انتقال المبيع إلى من عليه الدين، ضرورة كون ما عينه باقيا على ملكه، فينبغي أن يكون المبيع له، لا لمن له الدين.
إلا أنه احتمل - في جامع المقاصد كما تقدم سابقا وتبعه في المسالك هنا - الاكتفاء بمثل هذا الاقرار في صحة البيع لمن له الدين، وإن لم يحصل تمام الوفاء إلا بتسليم البايع، للاكتفاء في الأول بنحو هذا المقدار من الملكية، بخلاف الثاني وحاصله أنه بالاقرار المزبور يملكه من له الدين ملكا متزلزلا، ويتبعه التزلزل في براءة الذمة إلى أن يتسلم البايع ذلك منه، فتستقر البراءة حينئذ من هذه الجهة.
إلا أن ذلك مناف للضوابط الشرعية، ضرورة عدم حصول الملك ولو متزلزلا لمن له الدين بعد أن لم يكن وكيلا فيه، ودعوى استفادة ذلك من عبارة الوكالة المزبورة ممنوعة، ولو سلم فالمتجه حصول تمام البراءة باقراره وتشخيصه، لأن الفرض كونه وكيلا في ذلك، والتسليم إلى البايع أمر آخر، قد وكل فيه أيضا، فلا يقتضي عدم حصول الوفاء تماما إلا بالتسليم، كما هو واضح بأدنى تأمل والله العالم.
الفصل {الخامس فيما به تثبت الوكالة} على وجه تجري عليه جميع أحكامها {و} لا خلاف كما لا اشكال في أنه {لا يحكم ب} ثبوت {الوكالة بدعوى الوكيل} وإن جاز الأخذ مما في يده مع عدم المعارض {ولا بموافقة الغريم} وإن ألزم باقراره، إلا أنه ليس اثباتا شرعيا يمضي على الموكل لو أنكر {ما لم يقم بذلك بينة، وهي شاهدان} جامعان للشرائط، وكذا بالاستفاضة التي لا تفيد العلم، بل في الكفاية الاشكال فيها معه، وإن كان في غير محله، ضرورة أنه ما وراء العلم من شئ.
وما أبعد ما بين ذلك وبين احتمال الثبوت بها، وإن لم تفد العلم، لدعوى عدم