ثم إن الظاهر كون الإعارة الثانية مع فرض إذن المالك إنما هي من الأول مع فرض كون الإذن على هذا الوجه، فإنه يصير حينئذ وكيلا ونائبا، فلا يقدح حينئذ جنونه ونحوه في بقائها.
نعم إذا أذن له في الإعارة لنفسه اتجه حينئذ كون الإعارة منه، واحتمال عدم مشروعية هذا القسم باعتبار اشتراط كون المعير مالكا يدفعه اطلاق الأدلة، و المسلم منه مع عدم إذن المالك، فيكون بالشرط حينئذ مالكا أو مأذونا.
وقد سمعت التسامح في العارية التي ذكر فيها المصنف صحة العارية من الصبي بإذن وليه وستسمع إن شاء الله في الوكالة بإذن الموكل أنها تقع على وجهين، الوكالة عن الموكل، والوكالة عن الوكيل نفسه، نحو ما سمعته في العارية هنا، ولعل مثله يأتي في الوديعة، وقد تقدم منا سابقا بحث فيه.
إنما الكلام فيما يستفاد من إطلاق الإذن، ولعل العارية من المستعير نفسه أظهر الفردين منه، ولعل منه عارية الدار مثلا على أن يدخل فيها من شاء من عياله وغيرهم، فإن الإعارة لهم منه، لا من المعير، أو يقال: إن من انتفاعه انتفاعهم على نحو انتفاع دوابه، والأمر سهل.
وكيف كان فلو خالف وأعار الغير فلا ريب في فساد العارية، ولكن الكلام - في رجوع المالك على من شاء منهما بالعين والمنفعة، مع ضمان العين وعدمها - ما سمعته في العارية من الغاصب، وما عن الفاضل من الفرق بينهما في الجملة لا يخلو من إشكال كما أوضحنا ذلك كله هناك فتأمل والله العالم.
الفصل الرابع: في الأحكام المتعلقة بها وفيه مسائل {الأولى} لا خلاف ولا إشكال في أن {العارية أمانة} كما قال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي (1) " صاحب العارية والوديعة مؤتمن " ونحوه غيره، وحينئذ فهي كغيرها من الأمانات {لا تضمن إلا بالتفريط في الحفظ أو التعدي أو باشتراط الضمان} زيادة على الوديعة للاجماع بقسميه، والنصوص (2).