وأبرهم برا وأعلمهم * بفضل الصالحينا أبقت لنا الأيام وال * حرب المهمة يعترينا كبشا له زر يفل * متونها الذكر السنينا ومعاقلا شما وأسيافا * يقمن وينحنينا ومحلة زوراء تجحف * بالرجال الظالمينا ولعنت اليهود مالك بن العجلان في كنائسهم وبيوت عبادتهم، فبلغه ذلك فقال:
تحايا اليهود بتلعانها * تحايا الحمير بأبوالها وماذا علي بأن يغضبوا * وتأتي المنايا باذلالها!
وقالت سارة القرظية ترثي من قتل من قومها:
بأهلي رمة لمن تغن شيئا * بذي حرض تعفيها الرياح كهول من قريظة أتلفتهم * سيوف الخزرجية والرماح ولو أذنوا بأمرهم لحالت هناك دونهم حرب رداح ثم انصرف أبو جبيلة راجعا إلى الشام وقد ذلل الحجاز والمدينة للأوس والخزرج فعندها تفرقوا في عالية المدينة وسافلتها فكان منهم من جاء إلى القرى العامرة فأقام مع أهلها قاهرا لهم، ومنهم من جاء إلى عفا من الأرض لا ساكن فيه فبنى فيه ونزل ثم اتخذوا بعد ذلك القصور والأموال والآطام، فلما قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة مهاجرا أقطع الناس الدور والرباع فخط لبني زهرة في ناحية من مؤخر المسجد فكان لعبد الرحمن ابن عوف الحصن المعروف به وجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليين الخطة المشهورة بهم عند المسجد وأقطع الزبير بن العوام بقيعا واسعا وجعل لطلحة بن عبيد الله موضع دوره ولأبي بكر، رضي الله عنه، موضع داره عند المسجد، وأقطع كل واحد من عثمان بن عفان وخالد بن الوليد والمقداد وعبيد والطفيل وغيرهم مواضع دورهم، فكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقطع أصحابه هذه القطائع فما كان في عفا من الأرض فإنه أقطعهم إياه وما كان من الخطط المسكونة العامرة فإن الأنصار وهبوه له فكان يقطع من ذلك ما شاء، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان فوهب له ذلك وأقطعه، وأما مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عمر: كان بناء المسجد على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسقفه جريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا فزاد فيه عمر وبناه على ما كان من بنائه ثم غيره عثمان وبناه بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه ساجا وزاد فيه. وكان لما بناه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جعل له بابين شارعين باب عائشة والباب الذي يقال له باب عاتكة وبابا في مؤخر المسجد يقال له باب مليكة وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل، وكان طول المسجد مما يلي القبلة إلى مؤخرة مائة ذراع، فلما ولي عمر بن عبد العزيز زاد في القبلة من موضع المقصورة اليوم، وكان بين المنبر وبين الجدار في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، قدر ما تمر الشاة، وكان طول المسجد في عهد عمر،