من ذلك النهر عشرة آلاف دينار وكانت القبة تستغرقها، ثم كان أول من سكن نجران من بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان يزيد بن عبد المدان، وذلك أن عبد المسيح زوجه ابنته دهيمة فولدت له عبد الله بن يزيد ومات عبد الله بن يزيد فانتقل ماله إلى يزيد فكان أول حارثي حل في نجران، وكان من أمر المباهلة ما ليس ذكره من شرط كتابي ذا وقد ذكرته في غيره، وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: القرى المحفوظة أربع: مكة والمدينة وإيلياء ونجران، وما من ليلة إلا وينزل على نجران سبعون ألف ملك يسلمون على أصحاب الأخدود ولا يرجعون إليها بعد هذا أبدا، قال أبو عبيد في كتاب الأموال: حدثني يزيد عن حجاج عن ابن الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأخرجن اليهود والنصارى عن جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما، قال:
فأخرجهم عمر، رضي الله عنه، قال: وإنما أجاز عمر اخراج أهل نجران وهم أهل صلح بحديث روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فيهم خاصة عن أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان آخر ما تكلم به أنه قال:
أخرجوا اليهود من الحجاز وأخرجوا أهل نجران من جزيرة العرب، وعن سالم بن أبي الجعد قال: جاء أهل نجران إلى علي، رضي الله عنه، فقالوا:
شفاعتك بلسانك وكتابتك بيدك، أخرجنا عمر من أرضنا فردها إلينا صنيعة، فقال: يا ويلكم إن كان عمر رشيد الامر فلا أغير شيئا صنعه! فكان الأعمش يقول: لو كان في نفسه عليه شئ لاغتنم هذا.
ونجران أيضا: موضع على يومين من الكوفة فيما بينها وبين واسط على الطريق، يقال إن نصارى نجران لما أخرجوا سكنوا هذا الموضع وسمي باسم بلدهم، وقال عبيد الله بن موسى بن جار بن الهذيل الحارثي يرثي علي بن أبي طالب ويذكر أنه حمل نعشه في هذا الموضع فقال:
بكيت عليا جهد عيني فلم أجد * على الجهد بعد الجهد ما أستزيدها فما أمسكت مكنون دمعي وما شفت * حزينا ولا تسلى فيرجى رقودها وقد حمل النعش ابن قيس ورهطه * بنجران والأعيان تبكي شهودها على خير من يبكى ويفجع فقده، * ويضربن بالأيدي عليه خدودها ووفد على النبي، صلى الله عليه وسلم، وفد نجران وفيهم السيد واسمه وهب والعاقب واسمه عبد المسيح والأسقف وهو أبو حارثة، وأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مباهلتهم فامتنعوا وصالحوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فكتب لهم كتابا، فلما ولي أبو بكر، رضي الله عنه، أنفذ ذلك لهم، فلما ولي عمر، رضي الله عنه، أجلادهم واشترى منهم أموالهم، فقال أبو حسان الزيادي: انتقل أهل نجران إلى قرية تدعى نهر ابان من أرض الهجر المنقطع من كورة البهقباذ من طساسيج الكوفة وكانت هذه القرية من الضواحي وكان كسرى أقطعها امرأة يقال لها ابان وكان زوجها من أوراد المملكة يقال له باني وكان قد احتفر نهر الضيعة لزوجته وسماه نهر ابان ثم ظهر عليها الاسلام وكان أولادها يعملون في تلك الأرض، فلما أجلى عمر، رضي الله عنه، أهل نجران نزلوا