الصحة التي تروح وتجئ بكلمات قليلة ضئيلة من كتابكم " الغدير " الذي يتضاءل أمامه كل كلام مهما كان. وكم كنت أود لو أمكنتني العافية المولية عني هذه الأيام من إطالة الوقوف مع غديركم حتى أستطيع أن أؤدي نحو هذا العمل العظيم ما يليق به من الدراسة والتحليل، ولكن عذري معي، ومعي - فوق ذلك - من جميل مغفرتكم ما أرجو به قبول الكلمة المرفقة بهذا تحت عنوان " في ظلال الغدير " تاركا لفضيلتكم أمر نشرها كما تشاءون.
والله يجزيكم أحسن الجزاء ويوفقكم إلى إتمام هذا العمل الذي تنوء به العصبة أولو القوة.
محمد عبد الغني حسن نص المقال في ظلال الغدير ليس في هذا العنوان أثر لروح شاعرية، أو جنوح إلى عاطفة من عواطف الخيال المقتنص، أو ميل إلى شوارد التعبير عما يجول في الخاطر الكليل...
وإنما هي حقيقة ناصعة الوجه واليد واللسان حين نقرر أن القارئ " للغدير " يفئ منه إلى ظل ظليل، ويلتمس عنده من راحة الاطمئنان، وحلاوة القرار، ورضا الثقة ما يجده المرء حين يأوي إلى الواحة المخضرة بعد وعثاء السفر، في بيداء واسعة المتاهات، فيجد في ظلالها انس الاستقرار، وسلامة المقام، ودعة المصير.
ولن أكون في هذه الكلمة جانحا إلى خيال، أو محلقا في أجواء من التصور الحالم، أو الوهم الهائم... ولكنني سأجتاز هذا " الغدير " عابرا، مفكرا، مقلبا النظر في صفحاته الرجراجة بكل فكرة، المتموجة بكل مبحث، مستخرجا من أصفى لآلئه، وأكرم عناصره ما يعينني عليه تقليب النظر في شطآنه، وإطالة الفكر بين دفتيه، وكثرة الوقوف على مباحثه، كما يقف العربي على الديار التي لم يبلها القدم...
ولقد بلغ الجزء الأول من " الغدير " ما حسبت معه أن الجهد قد أوفى فيه على الغاية، واستشرف على نشر الكمال في صفحاته التي تساوي أيام السنة