وفي السنة الثانية، أو بعد أشهر من عودته من الهند سافر إلى إيران، لنفس الغرض، ومع أن تردده إلى إيران ما كان يثير انتباه أحد، غير أنه كان يعود إلى النجف محملا بالكتب والأثاث والسجاد الثمين وغيره، لأن كثيرا من أهل العلم والمال والمنصب يعرفون مقامه ومنزلته العلمية والجهادية.
وفي سنة 1964 قرر السفر إلى دمشق الشام ومعه ولده الشيخ رضا، لمتابعة جولته في الاطلاع على التراث الإسلامي بين رفوف مكتباتها القديمة والأثرية، كالمكتبة الظاهرية وغيرها، فقمت بتهيئة متطلبات السفر لهما من قطع تذاكر السفر جوا إلى الشام وغير ذلك، كما اتصلت بالحاج محمود الشيرازي في دمشق هاتفيا لاستقبال العلامة الشيخ الأميني وتهيئة سكن مريح ولائق به، ليكون في خدمته بإنجاز متطلباته الأخرى، والحاج محمود هذا صديق لي وتاجر متصد لمثل هذه الأمور الخيرية.
وبعد فترة قصيرة سافرت إلى فرانكفورت بألمانيا الغربية لأغراض صناعية وعند عودتي لم يدر في خلدي أن أعرج على دمشق الشام وأنا في طريقي إلى بغداد، لأنه كان من الصعوبة بمكان دخول العراقي إلى سوريا، نتيجة للوضع السياسي حينذاك. غير أنني قررت فجأة ذلك، وكأن هاتفا يهتف بي أن أعرج على دمشق، وفعلا قدمت دمشق، وفور وصولي اتصلت بالعلامة الأميني وزرته في مقر إقامته وعمله، وعند اجتماعي به في الجناح المخصص له لمتابعة أعماله ومطالعاته في المكتبة الظاهرية، وجدته يواصل بحثه وآثار التعب والإرهاق بادية على محياه.
وعندما استقر بنا المقام اطلعني على إنجازاته العظيمة في استنساخ الكتب القيمة، والتي تعتبر من أهم مصادرنا ومراجعنا في الفقه والحديث، والتي طالما كنا نسند إليها الروايات وهي ليست في أيدينا، وكان سماحته قد استنسخ منها بيده الشريفة ما يناهز الألف وثمانمائة ورقة كبيرة (فولسكاب).
كما أطلعني على قائمة كبيرة من الكتب الخطية القديمة والمطبوعة بالحجر، والتي تضم أهم معالم تراثنا وأسانيدنا، بحيث لا يمكن استنساخها باليد حتى لو