فسيحوا في الأرض أربعة أشهر:
قال الشيخ رضا الأميني:
كنت أرى منذ مدة غير قريبة كثرة الخوض من قبل سماحة سيدنا ومولانا آية الله المصلح المجاهد والدنا الأجل الأميني في الحديث عن الثروات العلمية والآثار والمآثر الاسلامية المودعة في الديار الهندية، وكنت أشعر منه شوقا أكيدا، ورغبة شديدة في السفر إلى تلكم البلاد المعجبة من جل نواحيها، غير أن اشتغاله بطبع كتابه " الغدير " يرجأه عن غايته المتوخاة، وكانت نهضته العلمية الدينية هذه عاقته عن أن يولي وجهه إلى تلك السفرة الميمونة الناجعة، وينتهز الفرصة، ويراه قريبا ونحن نراه بعيدا، ولينصرن الله من ينصره.
وبعد انجاز تأسيس [مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة] في عاصمة الفقه والعلم والدين، ومرتكز لواء الخلافة الإسلامية الكبرى، ومهبط حملة الثقافة من أرجاء العالم من الحواضر الإسلامية، ومحط رحال العرب والعجم، وسروات المجد والنبل من مختلف الأمم.
ولدت هذه الخاطرة رحلاته المتتابعة وراء جمع مدارك كتابه " الغدير "، فقام حياه الله وبياه بأعبائها، وشمر ساعد الجد والاجتهاد لتحقيق أمله، ونيل مناه، وهو أمل المجتمع البشري، وبغية كل من أسلم وجهه لله وهو محسن، وأمنية كل مثقف يحمل شعور الرقي والتقدم، ومأرب المصلح النابه الشاعر بجراثيم العيث والفساد، أحس ضرورة المكافحة عن صالح أمته.
ولبى دعوته رجال عاملون وجدوا تلك الفكرة السامية بذرة الحياة، فريضة الخدمة للإنسانية، وراء النهوض بذلك المشروع المقدس من الصالحات الباقيات، والمؤازرة دونه تحفظا على الحياة السعيدة، فمهدوا له السبل بكل ما أوتوا من حول وطول حتى بنيت لها بناية ضخمة فخمة عامرة، بناية زاهرة زادت تلك الساحة المقدسة بهاء وجمالا وعظمة وكرامة.
فغدت هذه الهاجسة السامية الثانية بمفردها داعية قوية إلى الرحلة المباركة