الرائعة، وعلمه الجم، وتعمق ارتباطي الروحي به والانسجام النفسي معه. وصار مثلي الأعلى في سيرتي وسلوكي وأخلاقي، وبادلني الشعور بالمثل، فأحاطني بلطفه ورعايته، حتى أصبحت موضع سره واعتماده، فكان يبثني همومه وشكواه، ويكشف لي عوالج نفسه وكل ما كان يختزنه في وجدانه، فكنت أعيش همومه ومحنته وأشاطره آلامه ومشاعره.
إليك عزيزي القارئ هذه الباقة العطرة مما ثبت في ذاكرتي من شذى أحاديثه، وشذرات طيبة مما تركه في نفسي وخاطري من أحاديثه الشيقة القيمة (قدس سره)، وما عشته وشاهدته في أيامه، ومما سمعته من الآخرين في حقه.
وسوف أذكر بعضها بالمعنى لا بالنص:
عندما كان يتشرف سماحته بزيارة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) وقضاء بعض أعماله، كان يشرفني وينزل في داري ببغداد ومن معه معززا مكرما، وكان أولادي مشغوفين به، يستقبلونه كما يستقبل الأطفال جدهم الحنون، ويرحبون بقدومه ويأنسون به، ويتسابقون إلى لثم أنامله وتقبيل يديه الكريمتين، وكان بدوره يحضنهم ويضمهم إلى صدره " الحنون "، وإن ولدي عدي - وهو أصغرهم سنا - كان طفلا يأتي إليه ويأخذ يده يقبلها، ثم يمد يده الصغيرة إلى فم سماحته ليقبلها بدوره مثل ما يعمل هو، ثم يأخذه سماحته ويضمه إلى صدره.
القصة الأولى:
التفاتة ذكية وفقني الله لخدمة أحد المرضى المؤمنين في معالجته، وبعد شفائه قدم لي هدية جميلة تذكارية، وكان ذلك في سنة 1955 م = 1375 ه ق، والهدية عبارة عن لوحة خشبية محفور عليها الآية القرآنية، التي تخص الصيام بالحروف البارزة:
بسم الله الرحمن الرحيم * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) *.
كانت اللوحة جميلة ورائعة حقا، فلم أجد مكانا في جدران غرفة