به.. فإن الحب يفرض على المحب من الالتزامات والارتباطات ما يسقط به وجهه الاعتراض.
ولكن الحق الذي يجب أن يجهر به: أن العلامة الأستاذ " عبد الحسين الأميني " لم يكن محبا متعصبا، ولا ذا هوى متطرف جموح، وإنما كان عالما وضع علمه بجانب محبته لعلي وشيعته، وكان باحثا وضع أمانة العلم ونزاهة البحث فوق اعتبار العاطفة..
ولا يلام المرء حين يحب فيسرف في حبه، أو حين يهوى فيشتد به الهوى..
ولكن اللوم يقع حين تميل دواعي الهوى بالمرء عن صحيح وجه الحق.. وما كان أستاذنا الجليل في شئ من هذا، وإنما كان باحثا وراء الحقيقة، كاشفا النقاب عن وجهها معنيا نفسه بالوصول إليها سافرة الوجه، واضحة المعالم.
ونجد في الجزء الأول من " الغدير " رواة الحديث من الصحابة رضي الله عنهم، وقد رتبهم المؤلف وفق حروف الهجاء، فبلغوا مائة وعشرة من أجلاء أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يبتدئون بأبي هريرة، وينتهون بأبي مرازم يعلى بن مرة بن وهب الثقفي.
والمؤلف هنا لا يكتفي بذكر أسماء الرواة من الصحابة، بل يذكر الكتب التي جاء فيها هذا الحديث مسندا إلى الصحابي، ثم لا يكتفي بذلك بل يذكر أجزاء الكتب، وأرقام الصفحات.
هكذا يجد المتصفح " للغدير " سيلا وافرا بل بحرا زاخرا من الكتب: كاسد الغابة والإصابة، وتهذيب التهذيب، والاستيعاب، وتاريخ بغداد للخطيب، وتهذيب الكمال، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، والبداية والنهاية لابن كثير، ونخب المناقب، ومسند أحمد، وسنن ابن ماجة، وعشرات من كتب الحديث والتفسير والتاريخ التي روى فيها الرواة من الصحابة حديث الغدير.
فإذا فرغ المؤلف من ذكر طبقات الرواة من الصحابة انتقل إلى الرواة من التابعين، ثم من العلماء مرتبا هؤلاء الأخيرين وفق ترتيب الوفيات قرنا فقرنا،