خامة المطاف شيخنا الجليل: مضى علي من الزمن ما ينيف على نصف قرن، عند أول لقاء بحضرتك حينما تشرفت بخدمتك بصحبة المرحوم والدي.
وأكثر من ربع قرن عشتها بجوارك، في حضرك وسفرك، عشت همومك التي واجهتك وما تحملته من عناء وعذاب ومشاق في سبيل أداء رسالتك ومبدئك وولائك.
عشت مع روحك الطاهرة، وأخلاقك السامية، وعلومك الزاخرة التي استقيتها من المناهل الصافية، وانتهلت من غديرك العذب الرقراق وبحرك الزاخر المتلاطم بأمواج الفضيلة، وينابيعك الفياضة، فكنت مثلي الأعلا:
عشت ما عانيت في سبيل تأسيس مكتبتك، التي أصبحت الشعلة الوهاجة، تنير الدرب للسائرين على هداك، وصارت نبراسا للحق وسناها الوضاء، لا في النجف الأشرف فحسب، بل لعالم التحقيق والتأليف كافة.
عشت جهادك، وورعك، وتقواك، وقلبك الزكي الطافح بالخبر والرحمة والحنان، وصدرك الذي كان وعاء لسر آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ووجودك الذي تجلى فيه الولاء الخالص المملوء بالحب لسيد الوصيين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
سيدي: لقد عشت معك ردحا من الزمن روحا وجسدا، ولازلت أعيش ذكراك الطيبة، وروحك المقدسة. في خاطري، وإن فقدك عندي كان له أعظم الأثر