الإصلاحية، وتوجيهاته الدينية، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أطيب الأثر في نفوس هواة محافله ومجالسه، وأبقت له ذكرا خالدا إلى الأبد.
وفي ثنايا تلك الخطوات الاصلاحية، وأداء الواجب الديني، عكف على المطالعة والتحقيق والتأليف، وخصص لها شطرا من وقته كل يوم، وكانت ثمراتها اليانعة تأليفه النفيس " تفسير فاتحة الكتاب "، وهو أول خطوة خطاها في هذا الميدان المقدس، وقد قام بتدريس بحوث كتابه هذا في المجالس التي كان يحاضر بها.
توطنه النجف الأشرف:
وبعد برهة رآى أن روحه التواقة للعلم، وشغفه النفسي يهفوان به إلى المزيد من الفضل والكمال، ويدفعانه إلى مركز القداسة والعظمة " النجف الأشرف "، حيث التزود من قدسية تلك المدينة الطيبة، والبقعة المشرفة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، والاستفاضة من حلقات دروسها، والانتهال من ندواتها الزاخرة التي تتجلى فيها أنواع العلوم بأسمى حقائقها وأعمق مراحلها، لذلك عاد إليها، قاصدا توطنها، تاركا خلفه جل ما هيئ له في وطنه من رغد العيش، والمقام الرفيع والجاه والمنزلة، غير مكترث بالرئاسة الروحية التي كانت لوالده (رحمه الله)، والمنزلة التي كانت تتحلى بها أسرته.
أساتذته واجتهاده:
وفي هذه المرة، وبعد أن حل تلك التربة الزكية، واستوطن تلك المدينة الطيبة حضر على جمع من حجج الله وآياته، وفطاحل العلم، وجهابذة الفكر، وصيارفة العلوم، وحسنات الدهر، وأروى ظمأ قلبه من بنات أفكارهم، وبرد غليله من يانع علومهم، وبلغ بدراسته المرتبة التي كان يطلبها، وأحرز درجة عالية في الفلسفة والكلام، واجتهادا في الفقه، وتبحرا في الأصول، وألف بهما،