حتى استطاع - بعد هذه الجهود الجبارة المضنية - أن يمسك بيده المبادرة، ويعيد معظم الشباب المنحرف إلى جادة الصواب، وإلى التمسك بعرى دينه، وقيمه، وأخلاقه.
هذا ما حدثني به سماحة العلامة الأميني، بعد عودته إلى النجف الأشرف من سفرته إلى إيران، والتي دامت أكثر من أربعة أشهر.
وهذه واحدة من بطولاته في ساحات الجهاد، التي تعددت إلى عدة جبهات.
من سن سنة سيئة:
حدثني شيخي وأستاذي العلامة الأميني (قدس سره) في داري ببغداد (1) قائلا:
كان في طهران جماعة من التجار المؤمنين، الذين يتصدون لأعمال الخير، وكانت عند أحدهم قطعة أرض واسعة في مكان مهم وحساس من طهران، وكان يفكر أن يشيد على القطعة مسجدا ومحلات ومكاتب تجارية يدر ريعها على المسجد ومشاريعه.
غير أن بعض أصدقائه، الذين ينظرون إلى الأمور بالمنظار المادي البحت، رجح له أن يشيد عليها دارا للسينما ومحلات ومكاتب تجارية، ثم من وارداتها يصرف على الأمور الخيرية. أخذت الفكرة منه موقع الاستحسان، بالإضافة إلى غريزة حب المال والتكاثر المتأصلة في نفس الإنسان، ووسوسة الشيطان، فأقدم على تشييد دار للسينما وملحقاتها، وجنى منها أموالا طائلة. مرت السنون والأعوام، ثم توفي الرجل وترك ثروته الطائلة لورثته، ومنها دار السينما، وأسدل الستار ونسوا مورثهم.
وفي يوم من الأيام دعا الورثة أحد أصدقاء والدهم من الذين يعتزون به - وهو لا يقل عن والدهم ثروة وتدينا وعطاء - دعاهم إلى داره على مائدة طعام، فلما حضروا وأكلوا ونهلوا وشبعوا، قال لهم: أتدرون لماذا دعوتكم؟ قالوا: أنت