الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
وفاته سنة (32) من الهجرة، وقبره ب (الربذة) معروف (1).
(١) " إن وفاة أبي ذر بالربذة ودفنه فيها من قبل جماعة، اتفق عليه المؤرخون وأرباب المعاجم الرجالية، ولكنهم اختلفوا فيمن صلى عليه: فنرى البلاذري في (انساب الاشراف: ج ٥ ص ٥٥) طبع مصر، يروي عن أبي مخنف انه: " لما حضرت أبا ذر الوفاة بالربذة أقبل ركب من أهل الكوفة فيهم جرير ابن عبد الله البجلي، ومالك بن الحارث الأشتر النخعي، والأسود بن يزيد بن قيس ابن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس بن يزيد - عم الأسود - في عدة آخرين، فسألوا عنه ليسلموا عليه، فوجدوه وقد توفي، فقال جرير: هذه غنيمة ساقها الله الينا، فحنطه جرير، وكفنه ودفنه، وصلى عليه، (ويقال) بل صلى عليه الأشتر، وحملوا امرأته حتى أتوا بها المدينة، وكانت وفاته لأربع سنين بقيت من خلافة عثمان، وقال الواقدي: صلى عليه ابن مسعود بالربذة في آخر ذي القعدة سنة ٣١ ه).
وروى أبو نعيم الأصفهاني في (حلية الأولياء: ج ١) عند خبر وفاته، وابن الجوزي في (صفوة الصفوة: ج ١ ص ٢٤٤) طبع حيدر آباد دكن: عن محمد ابن إسحاق في المغازي: " أن أبا ذر مات بالربذة سنة ٣٢ ه، وصلى عليه ابن مسعود، منصرفه من الكوفة، وعن القرظي قال: خرج أبو ذر إلى الربذة فأصابه قدره، فأوصاهم: أن كفنوني ثم ضعوني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا لهم: هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) فأعينونا على غسله ودفنه فأقبل ابن مسعود في ركب من أهل العراق - رضي الله عنه - ".
وذكر ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة: ج ٥ ص ١٨٨) صلاة ابن مسعود عليه، وكذلك ابن حجر العسقلاني في (الإصابة بهامشها الاستيعاب ج ٤ ص ٦٤) طبع مصر، وفي تهذيب التهذيب له (ج ١٢ ص ٩١).
وذكر الحاكم في (المستدرك: ج ٣ ص ٣٤٤) طبع حيدر آباد دكن:
قال: " مات أبو ذر بالربذة سنة ٣٢ ه، وصلى عليه عبد الله بن مسعود، وفيها ماتعبد الله بن مسعود، وصلاة عبد الله بن مسعود عليه لا تبعد، فقد روي باسناد آخر أنه كان في الرهط من أهل الكوفة الذين وقفوا للصلاة عليه ".
وروى السيد علي خان المدني في (الدرجات الرفيعة: ص ٢٥٢) طبع النجف الأشرف، عن محمد بن علقمة الأسود النخعي قال: خرجت في رهط أريد الحج منهم: مالك بن الحارث الأشتر وعبد الله بن الفضل التميميورفاعة بن شداد البجلي، حتى قدمنا الربذة، فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) قد هلك غريبا ليس له أحد يعينني عليه، قال:
فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق الينا، واسترجعنا على عظم المصيبة ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء، وتعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا مالك الأشترفصلى عليه ثم دفناه، فقام الأشتر على قبره، ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين، لم يغير، ولم يبدل لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي، وحرم واحتقر ثم مات وحيدا غريبا، اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجرة حرم الله وحرم رسول الله (ص) قال: فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا: آمين فقدمت الشاة التي صنعت، فقالت: إنه أقسم عليكم أن لا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا وارتحلنا ".
أما النفر الذين حضروا الربذة لتغسيله وتكفينه ودفنه، فقد ذكر أسماءهم ابن جرير الطبري في (تأريخه في حوادث سنة ٣٢ ه)، وهم: عبد الله بن مسعود، وأبو مفزر التميمي، وبكر بن عبد الله التميمي، والأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة ابن قيس النخعي، والحلحال بن ذرى الضبي، والحارث بن سويد التميمي، وعمرو ابن عتبة بن فرقد السلمي، وأبو رافع المزني، وسويد بن مثعبة التميمي، وزياد بن معاوية النخعي، وأخو القرثع الضبي، وأخو معضد الشيباني.
ومثله ما ذكره ابن الأثير الجزري في الكامل في حوادث سنة ٣٢ ه، وزاد مالك الأشتر النخعي، أما الربذة - التي نفى إليها أبو ذر - فهي بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة، على زنة قصبة. قال الزبيدي في (تاج العروس شرح القاموس بمادة (ربذ): " الربذة قرية كانت عامرة في صدر الاسلام، وهي عن المدينة في جهة الشرق على طريق حاج العراق على نحو ثلاثة أيام، بها مدفن أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - قرب المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ".
وقال الحموي في معجم البلدان: " الربذة بفتح أوله وثانيه وذال معجمة مفتوحة، من قرى المدينة على ثلاثة أيام، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من (فيد) تريد مكة، وبهذا الموضع قبرأبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - واسمه جندب بن جنادة، وكان قد خرج إليها، مغاضبا لعثمان بن عفان فأقام بها إلى أن مات في سنة ٣٢ ه.
ومثله ما في مراصد الاطلاع إلا أنه زاد: " خربت في سنة ٣١٩ ه بالقرامطة " وقال القيومي في المصباح المنير: " هي قرية كانت عامرة في صدر الاسلام وبها قبرأبي ذر الغفاري، وهي في وقتنا هذا دارسة لا يعرف بها رسم، وهي من المدينة في جهة الشرق على طريق الحاج نحو ثلاثة أيام، هكذا أخبرني به جماعة من أهل المدينة في سنة 723 ه ".
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات