الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
- طاب ثراه - قال في المسالك: " ورواية الحسن من الحسن، ووصفها بالصحة في كلام بعض الأصحاب يراد به الصحة الإضافية، دون الحقيقية ". (1) الحسن بن علي بن فضال (2) قد وثقه الشيخ - رحمه الله -
(١) قال الشهيد الثاني - رحمه الله - في كتاب التدبير من المسالك - بعد أن ذكر رواية الوشا وأنه عمل بمضمونها كثير من المتقدمين والمتأخرين ونسبوها إلى الصحة -: " والحق أنها من الحسن وأن صحتها إضافية - كما مر - لان رواية الحسن من الحسن ".
(٢) أبو محمد الحسن بن علي بن فضال بن عمرو بن أيمن، مولى تيم الله الكوفي من الشخصيات البارزة في الروايات، ذكره أكثر أرباب المعاجم من الطرفين.
ترجم له النجاشي - في رجاله ص ٢٦، طبع إيران - (وقال): " ولم يذكره أبو عمرو الكشي في رجاله أبى الحسن الأول " (أي موسى بن جعفر عليه السلام) ثم قال: " قال أبو عمرو (أي الكشي): قال الفضل بن شاذان: كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع أقرأ على مقرئ، يقال له: إسماعيل بن عباد، فرأيت - يوما - في المسجد نفرا يتناجون، فقال أحدهم: بالجبل رجل يقال له: ابن فضال، أعبد من رأينا أو سمعنا به (قال) فإنه ليخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة فيجيئ الطير فيقع عليه، فما يظن إلا أنه ثوب أو خرقة، وإن الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد آنست به، وإن عسكر الصعاليك ليجيئون يريدون الغارة أو قتال قوم، فإذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا، قال أبو محمد (أي الفضل بن شاذان راوي القصة): فظننت أن هذا الرجل كان في الزمان الأول، فبينا أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبي ح رحمه الله - إذ جاء شيخ حلو الوجه، حسن الشمائل، عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخصر، فسلم على أبي، فقام إليه أبي فرحب به وبجله، فلما أن مضى يريد ابن أبي عمير، قلت: من هذا الشيخ؟
فقال: هذا الحسن بن علي بن فضال: قلت: هذا ذلك العابد الفاضل؟ قال هو ذاك، قلت: ليس هو ذاك، ذاك بالجبل، قال: هو ذاك، كان يكون بالجبل، قلت: ليس ذاك، قال: ما أقل عقلك يا غلام، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه، قال: هو ذاك. وكان بعد ذلك يختلف إلى أبي، ثم خرجت إليه - بعد - إلى الكوفة، فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الأحاديث، وكان يحمل كتابه ويجيئ إلى الحجرة فيقرأه علي، فلما حج ختن طاهر بن الحسين وعظمه الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان - وقد كان وصف له - فلم يصر إليه الحسن فأرسل إليه: أحب أن تصير إلي فانى لا يمكنني المصير إليك، فأبى، فكلمه أصحابنا في ذلك، فقال: مالي ولطاهر لا أقربهم ليس بيني وبينهم عمل، فعلمت بعد هذا أن مجيئه إلي كان لدينه، وكان مصلاه بالكوفة في الجامع عند الأسطوانة التي يقال لها: السابعة، ويقال لها: أسطوانة إبراهيم - على نبينا وعليه السلام -، وكان يجتمع هو وأبو محمد الحجال (أي عبد الله ابن محمد) وعلي بن أسباط، وكان الحجال يدعي الكلام، فكان من أجدل الناس وكان ابن فضال يغرى بيني وبينه في الكلام في المعرفة، وكان يحبني حبا شديدا " إلى هنا انتهت عبارة الكشي التي نقلها عنه النجاشي في (رجاله) وقد ذكرها الكشي في (رجاله: ص ٤٣٣، برقم ٣٧٨، طبع النجف الأشرف) بتغيير يسير في بعض الألفاظ، ثم قال النجاشي: " وكان الحسن - عمره كله - فطحيا مشهورا بذلك حتى حضره الموت فمات، وقد قال بالحق - رضي الله عنه - " ثم قال النجاشي:
" أخبرنا محمد بن محمد، (أي المفيد) قال: حدثنا أبو الحسن بن داود، قال:
حدثنا أبي عن محمد بن جعفر المؤدب عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن الريان قال: كنا في جنازة الحسن فالتفت محمد بن عبد الله بن زرارة (بن أعين) إلى والى محمد بن الهيثم التميمي، فقال لنا: ألا أبشر كما؟ فقلنا له: وما ذاك؟ فقال:
حضرت الحسن بن علي قبل وفاته، وهو في تلك الغمرات وعنده محمد بن الحسن ابن الجهم، قال: فسمعته يقول له: يا أبا محمد تشهد، فقال: فتشهد الحسن، فعبر عبد الله، وصار إلى أبي الحسن - عليه السلام - (أي لم يعد عبد الله الأفطح في عداد الأئمة بل عبره وصار إلى أبي الحسن موسى - عليه السلام - وعده من الأئمة) فقال له محمد بن الحسن (أي ابن الجهم): وأين عبد الله؟ (أي الأفطح) فسكت ثم عاد، فقال له: تشهد، فتشهد وصار إلى أبي الحسن - عليه السلام -، فقال له:
وأين عبد الله - يردد ذلك ثلاث مرات - فقال الحسن: قد نظرنا في الكتب فما رأينا لعبد الله (أي الأفطح) شيئا ".
ثم قال النجاشي: " قال أبو عمرو الكشي: كان الحسن بن علي فطحيا يقول بامامة عبد الله بن جعفر، فرجع (راجع رجال الكشي: ص ٤٧٣ - طبع النجف الأشرف)، قال ابن داود (أي أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود الراوي) - في تمام الحديث -: فدخل علي بن أسباط، فأخبره محمد بن الحسن بن الجهم الخبر قال: فأقبل علي بن أسباط يلومه، قال: (أي علي بن الريان) فأخبرت أحمد بن الحسن بن علي بن فضال بقول محمد بن عبد الله (أي ابن زرارة) فقال:
حرف محمد بن عبد الله على أبي (قال): (أي علي بن الريان) وكان - والله - محمد بن عبد الله أصدق عندي لهجة من أحمد بن الحسن فإنه رجل فاضل دين ".
ثم قال النجاشي: " وذكره أبو عمرو في أصحاب الرضا - عليه السلام - خاصة قال: الحسن بن علي بن فضال مولى بنى تيم الله بن ثعلبة كوفي ".
ثم ذكر النجاشي كتب الحسن بن علي بن فضال وروايته لها عنه بطرقه، ثم قال: " مات الحسن سنة ٢٢٤ ه ".
وينبغي أن يلاحظ في كلام النجاشي الذي نقلناه عن رجاله في صدر الترجمة موارد:
(الأول) قوله: " لم يذكره أبو عمرو الكشي في رجال أبي الحسن الأول " أي موسى بن جعفر عليه السلام، والحال أن الكشي ذكره من أصحابه - عليه السلام - " أنظر رجاله (ص ٤٦٦) بعنوان: " تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (وهو أبو الحسن الأول) وأبي الحسن أي الثاني الرضا عليهما السلام " وعد ذلك القهبائي في هامش (مجمع الرجال ص ١٣٤) برمز (ع) من اشتباهات النجاشي.
(الثاني) انه يظهر من الحديث الذي رواه: ان محمد بن الحسن بن الجهم كان فطحيا كعلي بن أسباط، ولذلك لما أخبره ابن الجهم بما قال ابن فضال: من إنكار إمامة عبد الله بن الأفطح ابن الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - والاعتراف بامامة الكاظم - عليه السلام - أقبل ابن أسباط على ابن الجهم يلومه لتعرضه لابن فضال وقوله له: (تشهد) حتى صرح بخلاف مذهب الفطحية، كما يظهر ان أحمد بن الحسن ابن علي بن فضال أيضا كان فطحيا، ولذا لما أخبره ابن الريان يقول محمد بن عبد الله ابن زرارة، أنكره ونسب ابن عبد الله إلى أنه حرف على أبيه وغير كلامه.
(الثالث) أن قوله: " وذكره أبو عمرو في أصحاب الرضا - عليه السلام - خاصة، قال: الحسن بن علي بن فضال مولى بني تيم الله بن ثعلبة كوفي " هذه الجملة عطف على قوله السابق في صدر الترجمة: " لم يذكره أبو عمرو الكشي في رجال أبي الحسن الأول - عليه السلام - " يريد: أن أبا عمرو الكشي لم يذكره في رجال أبي الحسن الأول موسى بن جعفر - عليه السلام - بل ذكره في رجال أبي الحسن الثاني الرضا - عليه السلام - ولكن العبارة المذكورة في (النجاشي) وهي قوله: " قال:
الحسن بن علي بن فضال مولى بني تيم الله بن ثعلبة كوفي " لم توجد في كتاب اختيار الكشي - الموجود اليوم - بأيدينا المخطوط منه والمطبوع، ولعل النجاشي نقل العبارة المذكورة من (الكشي الكبير) الذي لا يوجد في الأيدي، فلاحظ.
(الرابع) أن (قطيعة الربيع) الواردة في كلام النجاشي ذكرها (الحموي في معجم البلدان) وقال: إنها " منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور، وهما قطيعتان: إحداهما - أقطعه إياها المنصور، والأخرى - المهدي، وكانت قطعية الربيع بالكرخ مزارع الناس ".
وقد جاء في رجال النجاشي - كما عرفت انفا - (مسجد الربيع) ولكن الكشي قال بدله: (مسجد الزيتونة) ولعله يسمى بالاسمين.
وقد ذكر المترجم له ابن النديم في (الفهرست: ص 326) طبع مطبعة الاستقامة بالقاهرة، فقال: " أبو علي الحسن بن علي بن فضال التيملي ابن ربيعة بن بكر، مولى تيم الله بن ثعلبة، وكان من خاصة أبي الحسن الرضا - عليه السلام - وله من الكتب: كتاب التفسير، كتاب الابتداء والمبتدأ، كتاب الطب ".
أما الشيخ الطوسي - رحمه الله - فقد ترجم له في (رجاله: ص 371 برقم 2) طبع النجف الأشرف، فقال: " الحسن بن علي بن فضال مولى لتيم الرباب كوفي ثقة " وأما في (فهرسته) فقد جاءت نسخه مختلفة: ففي بعضها: " الحسن بن علي ابن فضال التيملي ابن ربيعة بن بكر مولى تيم الله بن ثعلبة، روى عن الرضا - عليه السلام - وكان خصيصا به، وكان جليل القدر عظيم القدر عظيم المنزلة زاهدا ورعا ثقة في الحديث وفي رواياته " ولم يتعرض فيه إلى كونه كان فطحيا، ثم رجع، وهذه هي نسخة بعض أرباب المعاجم، ومنهم سيدنا - قدس سره - في الأصل ولذا قال: " وكلام الشيخ في الكتابين خال عن الفطحية والرجوع " وفي نسخ بعض أرباب المعاجم جاء فيها ما هذا نصه: " الحسن بن علي بن فضال، كان فطحيا يقول بامامة عبد الله بن جعفر (أي الأفطح) ثم رجع إلى إمامة أبي الحسن (أي
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات