الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ١٤٣
جندب بن جنادةأبو ذر الغفاري، رابع الاسلام (1) وخادم
(١) أبو ذر جندب بن جنادة بن كعيب بن صعير بن الوقعة بن حرام بن سفيان بن عبيد بن حرام بن عفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، هكذا نسبه ابن سعد في (الطبقات الكبرى ج ٤ ص ٢١٩) طبع بيروت وترجم له ترجمة مفصلة إلى ص ٢٣٧.
كان أبو ذر الغفاري من علية الصحابة الذين امتازوا بفضلهم، وغزارة علمهم، وسمو مداركهم، وكانت له الميزة على كثير من الصحابة، وحاله في الجلالة والثقة والورعوالزهد والعظمة كالشمس في رابعة النهار، وإيمانه كزبر الحديد - كما قيل في تعريفه -.
واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا. والصحيح المشهور: (جندب ابن جنادة) - كما عليه أكثر المؤرخين والرجاليين من الفريقين، كما اختلف أيضا فيما بعد (جنادة) (راجع: الاستيعاب لابن عبد البر، وأسد الغابة للجزري، والإصابة لابن حجر، وغيرها). وفي (رجال العلامة - الخلاصة -: ص ٣٦ رقم ١) طبع النجف: " جندب بالجيم المضمومة والنون الساكنة والدال غير المعجمة المفتوحة والباء المنقطة تحتها نقطة، ابن جنادة - بالجيم المضمومة والنون والدال بعد الألف غير المعجمة ".
أمه (رملة) بنت الرفيعة - كما في الاستيعاب - أو الوقيعة - كما في الإصابة ومستدرك الحاكم - من بني غفار بن مليل أيضا، وفي (الإصابة): " يقال: إن أبا ذر أخو عمرو بن عبسة لامه، وأسلمت أمه معه لما أسلم وأخوه أنيس ".
ويقول الجزري في (أسد الغابة - باب الأسماء -): "... كان أبو ذر آدم طويلا أبيض الرأس واللحية " - وقال في باب الكنى - "... كان أبو ذر طويلا عظيما ". وفي (الطبقات الكبرى) بسنده عن الأحنف بن قيس: " رأيت أبا ذر رجلا طويلا آدم أبيض الرأس واللحية ". وفي صفة الصفوة لابن الجوزي (ج ١ ص ٢٣٨) طبع حيدر آباد: "... وكان أبو ذر طوالا آدم.. ". وفي (الإصابة) " كان طويلا أسمر اللون نحيفا... " وفي (الإصابة) - أيضا - "... عن رجل من بنى عامر: دخلت مسجد منى، فإذا شيخ معروق آدم، عليه حلة قطري، فعرفت أنه أبو ذر بالنعت ".
وفي (الاستيعاب - باب الأسماء، وباب الكنى): "... كان إسلام أبي ذر قديما، يقال: بعد ثلاثة، ويقال: بعد أربعة، وقد روي عنه: أنه قال: أنا ربع الاسلام، وقيل: كان خامسا ".
وفي (مستدرك الحاكم النيسابوري ج ٣ ص ٣٤١) طبع حيدر آباد بعنوان مناقب أبي ذر، بسنده عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال: " كنت ربع الاسلام، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع ".
ولكن الذي رواه ابن سعد في (الطبقات ج ٤ ص ٢٢٤) طبع بيروت بسنده عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن أبي ذر، قال: " كنت في الاسلام خامسا " وبسنده عن حكام بن أبي الوضاح البصري قال: " كان إسلام أبي ذر رابعا أو خامسا " وفي ص ٢٢٢ - بسنده عن خفاء بن إيماء بن رحضة - قال: " كان أبو ذر رجلا يصيب الطريق، وكان شجاعا ينفرد - وحده - يقطع الطريق ويغير على الصرم في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما أخذ، ثم إن الله قذف في قلبه الاسلام... " - ثم استعرض خبر بدء إسلامه - فراجعه. وفي ص ٢٢٢ منه أيضا - بسنده عن نجيح أبي معشر - قال: " كان أبو ذر يتأله في الجاهلية، ويقول: لا إله إلا الله، ولا يعبد الأصنام " - ثم ذكر بدء إسلامه. وفي ص ٢٣١ منه يروي بسنده عن علي - عليه السلام - قوله: " لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ولا نفسي، ثم ضرب بيده على صدره " وفي ص ٢٣٦ منه يروي بسنده عن أبي عثمان النهدي قوله: " رأيت أبا ذر يميد على راحلته، وهو مستقبل مطلع الشمس، فظننته نائما، فدنوت منه فقلت:
أنائم أنت - يا أبا ذر -؟ فقال: لا، بل كنت أصلي ".
وقريب منه رواه الحاكم في (المستدرك ج ٣ ص ٣٤١) طبع حيدر آباد دكن.
وفي (طبقات ابن سعد - أيضا - ج ٤ ص ٢٢٠) بسنده عن عبد الله بن الصامت الغفاري عن أبي ذر: "... قال: وقد صليت - يا ابن أخي - قبل أن ألقى رسول الله (ص) ثلاث سنين، فقلت: لمن؟ قال: لله، فقلت: أين توجه؟
قال: أتوجه حيث يوجهني الله: أصلي عشاء، حتى إذا كان من آخر السحر ألقيت كأني خفاء (أي كساء) حتى تعلوني الشمس ".
وذكر مثله مسلم في (صحيحه: باب فضائل أبي ذر - من كتاب فضائل الصحابة) وروى مثله أبو نعيم الأصفهاني في (حلية الأولياء: ج ١ ص ١٥٧) طبع مصر - في ترجمته - بسنده عن أبي ذر، وروى - أيضا - عن أبي ذر: "... صليت قبل الاسلام بأربع سنين، قيل له: من كنت تعبد؟ قال: إله السماء، قيل: فأين كانت قبلتك؟ قال: حيث وجهني الله عز وجل ".
وقال أبو نعيم - أيضا - في (الحلية ج ١ ص ١٥٦) - في مقام إطرائه -:
"... العابد الزهيد، القانت الوحيد، رابع الاسلام، ورافض الأزلام قبل نزول الشرع والاحكام، تعبد قبل الدعوة بالشهور والأعوام، وأول من حيى الرسول بتحية الاسلام لم تكن تأخذه في الحق لائمة اللوام، ولا تفزعه سطوة الولاة والحكام أول من تكلم في علم البقاء والفناء... " الخ وقال الجزري في (أسد الغابة: ج ١ ص ٣٠١): ".. أسلم، والنبي (ص)بمكة أول الاسلام، فكان رابع أربعة، وقيل: خامس خمسة، وأول من حيى رسول الله (ص) بتحية الاسلام، ولما أسلم رجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى هاجر النبي (ص)، فأتاه بالمدينة بعد ما ذهبت بدر وأحد والخندق، وصحبه إلى أن مات، وكان يعبد الله تعالى قبل مبعث النبي (ص) بثلاث سنين، وبايع النبي (ص) على أن لا تأخذه في الله لومة لاثم، وعلى أن يقول الحق وان كان مرا ".
وقال العلامة الحلي - رحمه الله - في (رجاله - الخلاصة -: ص ٣٦ برقم ١) طبع النجف الأشرف: " جندب بن جنادة الغفاري أبو ذر أحد الأركان الأربعة روي عن الباقر عليه السلام: أنه لم يرتد، مات - رحمه الله - في زمن عثمان بالربذة له خطبة يشرح فيها الأمور بعد النبي (ص)... ".
وقال السيد علي خان في (الدرجات الرفيعة: ص ٢٣٠) طبع النجف الأشرف -:
" كان أبو ذر - رحمه الله - من أعاظم الصحابة وكبرائهم الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه، وهو أحد الأركان الأربعة، وكفاه شرفا ما رواه في وصيته المشهورة التي أوصاه بها رسول الله (ص) حين قال له: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أوصني بوصية ينفعني الله بها، فقال: نعم، وأكرم بك يا أبا ذر، إنك منا - أهل البيت - وإني موصيك بوصية فاحفظها، فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان ذلك بها كفيلا ":
وقد ذكر الوصية - هذه - سيدنا الأمين العاملي في (أعيان الشيعة: ج ١٦ ص ٤٧٧) بعنوان (وصية النبي الطويلة لابي ذر) - وقال -: " هذه الوصية رواها الطبرسي في مكارم الاخلاق، والشيخ الطوسي في أماليه، باسنادهما إلى أبي حرب ابن أبي الأسود الدئلي عن أبيه. وأوردها الشيخ ورام في (مجموعته) مرسلا عن أبي حرب عن أبيه. وقد كرر لفظ (يا أبا ذر) في أول كل جملة من هذه الوصية " ثم ذكر الوصية - على طولها - من ص ٤٧٧ - ٤٩٣، فراجعها.
وسيدنا الأمين - رحمه الله - ترجم لابي ذر ترجمة مفصلة في (ج ١٦ ص ٤١٩ - ٥٣١) من أعيانه.
اما ابن حجر العسقلاني فقد ترجم له في (تهذيب التهذيب: ج ١٢ ص ٩٠) طبع حيدر آباد - باب الكنى - وذكر من روى عنه من الأصحاب والتابعين، ثم قال: ومناقبه وفضائله كثيرة جدا ".
وكذلك ابن حجر الهيثمي في (مجمع الزوائد: ج ٩ ص ٣٢٧) استعرض كثيرا من أخباره.
وذكر شيخنا الأميني - أيده الله - لابي ذر ترجمة مسهبة في كتابه (الغدير: ج ٨ ص ٢٩٢ - 382).
ولقد كتبت كتب ورسائل كثيرة - قديما وحديثا - في هذه الشخصية العملاقة في التاريخ بعضها مخطوط، والبعض مطبوع، وكل أولئك لا يوفي عظمته ومنزلته
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات