الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ١٥١
السلام: " وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئا منه " (1).
وكان بينه وبين عثمان مشاجرة في مسألة من مسائل الزكاة، فتحاكما عند رسول الله (ص)، فحكم لابي ذر على عثمان.
(١) ذكر هذه الفضيلة لابي ذر ابن سعد في (الطبقات الكبرى - بسنده - ج ٤ ص ٢٣٢) قال: " سئل علي عليه السلام عن أبي ذر فقال: وعى علما عجز فيه، وكان شحيحا حريصا، شحيحا على دينه حريصا على العلم، وكان يكثر السؤال فيعطى ويمنع، أما أن قد ملئ له في وعائه حتى امتلأ، فلم يدروا ما يريد بقوله: (أي يقول علي عليه السلام) وعى علما عجز فيه، أعجز عن كشف ما عنده من العلم، أم عن طلب ما طلب من العلم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم "؟.
وذكرها أيضا ابن عبد البر في (الاستيعاب - بهامش الإصابة - ج ٤ ص ٦٤) بصيغة: " سئل علي - رحمه الله - عن أبي ذر فقال: ذاك رجل وعى علما عجز عنه الناس ثم أوكأ عليه ولم يخرج شيئا منه ". والعلامة الامام السيد المحسن الأمين العاملي - رحمه الله - بعد أن أورد ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب - قال في (أعيان الشيعة ج ١٦ ص ٤٣٨): " أقول: معنى قوله عليه السلام (عجز عنه الناس) أنه وعى علما كثيرا عجز غيره عن أن يعي مثله لكثرته، وحاصله: أنه كان شديد الطلب للعلم، ولم يقدر غيره أن يطلب من العلم ويحفظ منه بقدر ما طلب هو، وحفظ من العلم لشدة رغبته في أخذ العلم ووعيه، وقوله - عليه السلام -: " ثم أوكأ عليه ولم يخرج شيئا منه " دال على أن ذلك العلم كان مما لا تطيق عقول الناس حمله ولا تقبل نفوسهم التصديق به، فلذلك كتمه عنهم، وأوكأ عليه كالذي يوكئ على مال أو غيره، ويظهر من ذلك: أن هذا العلم كان فيه الاخبار بالمغيبات والحوادث والفتن والامر بالتمسك بأهل البيت الذين كان جل الناس منحرفين عنهم، وإلا فليس يخفى على أبي ذر ما جاء من الذم في حق كاتم العلم. ويحتمل أن يراد بعجز الناس عنه: عجز عقولهم عن حمله وقبوله ونفوسهم عن التصديق به، فلهذا أفضي به إليه دونهم وكتمه هو عنهم، وما في هذا الحديث يفسر ما في الحديث الذي رواه ابن سعد في الطبقات... " الخ.
وهذا الحديث رواه جملة من الحفاظ والمؤرخين غير المذكورين كالجزري في (أسد الغابة: ج ٥ ص ١٨٧)، وابن حجر في (تهذيب التهذيب: ج ١٢ ص ٩١)، وغير هؤلاء.
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات