أسد الغابة - ابن الأثير - ج ٥ - الصفحة ١٨٧
بلاد قومه وأقام بها حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخبرنا غير واحد باسنادهم إلى محمد بن إسماعيل حدثنا عمرو بن عباس أنبأنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا المثنى عن أبي حمزة عن ابن عباس قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الأخ حتى قدم وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال له رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه وكره ان يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه على فعرف انه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به على فقال أما آن للرجل ان يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتى كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأقامه ثم قال ألا تحدثني ما الذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت ففعل فأخبره قال إنه حق وانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصبحت فاتبعني فإني ان رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فان مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمرى قال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه وقال ويلكم ألستم تعلمون انه من غفار وانه طريق تجاركم إلى الشام فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه وروينا في اسلامه الحديث الطويل المشهور وتركناه خوف التطويل وتوفى أبو ذر بالربذة سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين وصلى عليه عبد الله بن مسعود ثم مات بعده في ذلك العام وقال النبي صلى الله عليه وسلم أبو ذر في أمتي على زهد عيسى ابن مريم وقال على وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه ثم أوكأ عليه فلم يخرج منه شيئا أخبرنا أبو جعفر باسناده عن يونس
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»