الاجتهاد إلا بعد استجماع شرائطه، ولا يجوز العمل بالظن الذي ورد في القرآن والاخبار المنع عن العمل به، وجعله حكم الله، مضافا إلى أنه خلاف الأصل والعقل، فإن حكم الله حق ومن الله، وظننا ظن ومنا، فكيف يكون أحدهما عين الاخر؟ إلا أن نعلم علما يقينا أن الله تعالى يرضى به عوض حكمه، ولا يكفي الظن به، لأنه أيضا ظن، فيدور أو يتسلسل، إلى غير ذلك مما ذكرنا في أول الفوائد وغيره، و لا يتحقق العلم واليقين إلا لمن استجمع الشرائط... وبالجملة من سمع مقالتهم، ويكون قلبه خاليا من الشوائب، سالما عن المعايب، ليبادر بالقول البتة، ولا يجعلهم أسوأ حالا من أرباب العلوم والصنائع الذين هم في الغالب يعلم عدم عدالتهم، بل وفسقهم وكفرهم أيضا، ومع ما عرفت قولهم بأن ما ذكروه حق يقينا - كما لا يخفى على من له أدنى فهم - مضافا إلى أدلتهم على لزوم كل شرط شرط على حدة - كما بينا في رسالتنا في الاجتهاد - بحيث لا يبقى للجاهل تأمل أصلا، فضلا عن العالم، فيشرع في تحصيل الشرائط: من العلوم، والقوة القدسية.
أما القوة القدسية فبجهاد النفس، والسؤال من الله تعالى، والتضرع إليه، والالحاح عليه، والاستمداد من الأرواح القدسية المعصومة، و بعدهم من الفقهاء رضوان الله عليهم، ويبالغ في تعظيمهم وأدبهم ومحبتهم والركون إليهم، (فإن القلب يهدي إلى القلب)، فإذا استحكم الروابط بين القلوب أو بين القلب والأرواح الذين هم أحياء عند ربهم يفتتح أبواب الفيوض والكمالات،