ولأن التقليد خلاف الأصل، وحرام حتى يثبت المخرج، سيما تقليد من لم يقلده.
ويمكن الجواب عن الكل بما مر من الأدلة، مضافا إلى أنه بعيد غاية البعد أن يكون المشهور في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام ومن بعدهم من الفقهاء الخبيرين الماهرين القريبين للعهد منهم يدرون في المحلات والبيوت ليشهدوا عند كل واحد من المكلفين، أو يطلع على شهادتهم، بحيث يعرفهم بالعدالة واستجماع الشرائط المعتبرة لقبول الشهادة، سيما وأكثرهم النساء والسفهاء وغيرهم ممن لا يتيسر ذلك الاطلاع بالحيثية المذكورة منهم البتة، لو لم نقل كلهم إلا الفقهاء.
بل لا يخفى على المتأمل كون ما ذكر من القطعيات، يعنى قطع أنه لم يكن كذلك، سيما بملاحظة أنه أمر يعم به البلوى، ويشتد به الحاجة، ويكثر وقوعه في الأزمنة بحسب العادة، فلو كان الشهود يدارون، أو يطلع على شهادتهم بالحيثية المذكورة، لكون ذلك لازما، لاشتهر اشتهار الشمس، مع أن الامر بالعكس - كما ظهر لك - وفتوى المتأخرين وعملهم أيضا في الأعصار والأمصار على ما عرفت.
والله يعلم.