وافقهم، وغير ذلك، وهذا يرجع إلى الأول، فما تعارف الان - من اعتداد فقهائنا بقول النادر الذي يرجع عنه القائل - ظاهر الفساد، إذا لا فرق بينه وبين أن لا يكون نادرا من القول. ومع الوفاق لا يخالفون إلا نادرا غفلة، أو بناء على أنه ليس وفاق الكل عنده.
ومثل الصورتين السابقتين أن تكون المسألة مما يعم به البلوى، ويشتد إليه الحاجة، ومع هذا صار المشهور عند قدمائنا والمتأخرين إلا النادر كذا، فإن خالفه يكون معلوم الفساد كما لا يخفى على المتأمل.
وأما المشهور بين خصوص القدماء فليس بتلك المثابة، يمكن الفتوى بخلافه، إذا كان الداعي عظيما، وكذلك المشهور بين المتأخرين خاصة، إلا أن الأحوط مراعاة المشهور في العمل كيف كان، كما هو دأب المحققين.
بل الأحوط مراعاة كل فقيه مهما أمكن كما هو دأبهم في مقام الاحتياط، لكن ليس بمثابة المشهور، إذا تراكم أفواج الافهام السديدة من أصحاب القوى القدسية والمهارة التامة عليه إلى أن اعتقد الفحول كونه حجة كما مر، ومر الكلام.
وإني تتبعت فوجدت: أن كلما هو المشهور يكون دليله أقوى وأمتن البتة، إلا ما شذ، ولعل ما شذ يكون بسبب قصوري ما علمت كون دليله أمتن.
فإن قلت: ربما كان مخالف هذا المجتهد أزيد مهارة، أو متعددا وجماعة، وفيهما مظنة الأصوبية.
قلت: لا شك في أن الأحوط مراعاتهم في العمل - كما عرفت -، وأما الفتوى فهذا المجتهد مطلع على ما ذكرت، ويلاحظه في مقام اجتهاده، بأن يبالغ في الاجتهاد عند ملاحظة الأدلة، ويزيد التأمل والتدبر، ويكثر إلى أن