النجاسة، فيعمل به، ويفتي مقلده، ويأخذ بقوله من دون اطلاع منه أصلا، أو من غير اعتماد منه إلا على ظن مجتهده.
على أنه لو اتفق أن مجتهدا فعل كذلك، وقلده مقلده بالنحو الذي ذكر فلا نسلم جريان الاجتهاد والتقليد وصحتهما في المقام، لعدم الدليل، بل لدليل العدم. فما لم يثبت من الشرع فيه جواز التعويل على الظن لا يجوز التعويل عليه، وإن ثبت جاز، كما هو الحال في الظن بدخول الوقت.
وأمثاله.
ومما ذكر ظهر فساد توهم بعض آخر حيث لم يجوز ثبوت نجاسة شئ أو ماء بالظنون الاجتهادية معللا بأنها ظنون، والوارد في الاخبار اشتراط العلم بالنجاسة، مثل: نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة، لان ظن المجتهد وتقليده يثمران ثمر العلم، لما عرفت من الأدلة. مع أن مقتضى الآيات والاخبار وغيرهما عدم جواز التعويل على غير العلم - كما مر في إثبات أصل البراءة في الفائدة الأولى - فلو لم يثمر ثمر العلم لم يثبت تكليف أصلا، ولا حكم مطلقا في غير ضروريات الدين أو الاجماع اليقيني أو اليقين العقلي.
وأما الموضوعات التي يتوقف عليها معرفة الاحكام فحالها حال الاحكام - إلا أنه لم يجر فيها التقليد - بل انسداد باب العلم فيها مع شدة الحاجة إليها أظهر.
ولذا وافق الأخباريون المجتهدين في جريان الاجتهاد فيها مع مخالفتهم إياهم في نفس الاحكام. نعم منعوا الحاجة إلى علم الرجال، بل وإلى العلوم اللغوية أيضا، وكذا إلى أصول الفقه وغيرهما، وهذا غير الحاجة إلى معرفة الموضوعات عندهم، وإن كانوا خاطئين في ذلك خطأ عظيما