في المعرفة مع تمكنه من تحصيلها لم يخرج الواجب بمجرد هذا التقصير عن وجوبه، وكذا الحرام عن حرمته.
مثلا: إذا قال المولى لعبده لا أعاقبك إلا أن تعلم تكليفي، وتخالف، ثم أعطاه طومارا، وقال: كلفتك في هذا الطومار بتكليفات لو تركتها وخالفت لعاقبتك، فعليك بفتح الطومار والعمل بما فيه. فلا شك في أن هذا العبد عالم بأنه مكلف بما في الطومار، ولا ينفعه تقصيره في فتح الطومار وتحصيل قراءة ما فيه، ولا يجعله داخلا في عدم العلم بالتكليف، لان العلم الاجمالي بالتكليف علم بالتكليف، لا عدم علم به، كمن يعلم أن عليه قضاء فريضة من الخمس لا يعرفها بعينها.
نعم لو لم يتمكن من معرفة تلك التكليفات ولم يتيسر له الامتثال بارتكاب الاحتمالات - كما تيسر في قضائه الفريضة التي لم يعرفها بعينها، وأمثال ذلك مما يتيسر الامتثال بتأتي الاحتمالات إلى أن يعلم الاتيان - فلا شك في سقوط التكليف حينئذ، وأن الأصل براءة ذمته، بمعنى: أنه لا يجب عليه التوقف وغيره مما ذهب إليه الأخباريون. وكذا لو لم يعلم التكليف لا إجمالا ولا تفصيلا، فإن الأصل براءة ذمته بالمعنى المذكور.
إذا عرفت هذا فنقول: من ضروريات دين الاسلام، بحيث يعرفها كل خاص وعام من أهل الاسلام، والخارج عنه: أن في دين الاسلام واجبات كثيرة، ومحرمات كثيرة، وكل ذلك في غاية الكثرة، بل يعلم بعنوان الضرورة أن فيه من الواجبات: الوضوء، والغسل، والتيمم والصلاة، والزكاة والصوم، و الحج، وغسل النجاسات من الثوب والبدن وغيرهما، وغير ذلك من الضروريات للدين أو المذهب.
وأيضا ورد في القرآن، والأخبار المتواترة: (إن طلب العلم فريضة