ويقطعوه إربا، ويمزقوه كل ممزق، ولو قال: لهم أنا ما فعلته، بل الله تعالى فعله، يصير ذلك سببا لزيادة غيظهم وضغنهم وبغضهم و الانكار عليه والعتاب والتوبيخ وغير ذلك. ولو ظهر عليهم صدق قوله بأن الله تعالى فعل تلك الأمور لما تحقق عنهم الغيظ والتوبيخ و غير ذلك.
وكذا الحال لو سمعوا أحدا يسب الشيخين، أو يظهر منه علامة من علامات الرافضة، بل إذا كسر طفل كوزا منهم، أو ضيع فلسا منهم خطأ ضربوه وشتموه، وعاتبوه: بأنك ما تحفظت كمال التحفظ حتى لا يصدر هذا الخطأ منك. وربما يفعلون ذلك لأجل التأديب كي لا يقع بعد ذلك منه، ويصرحون بأن التأديب لازم بالنسبة إلى الأطفال والغلمان وغيرهما من الجهال، وأنه لو ترك تأديبهم يضيعون، و يفسدون وينكرون على من ترك التأديب، وكذا على من قصر في حفظ ماله أو عرضه أو نفسه أو غير ذلك من أمور دنياه، أو آخرته، و كذا حالهم في مقام الموعظة والنصيحة ربما يبالغون غاية المبالغة ونفوسهم مطمئنة بلزومهما ونفعهما، وبأنه لولاهما ليضيع و يخرب الامر ويفسد، وكذا حالهم في مقام تحصيلهم المعاش وحفظ النفس والعرض والمال وعلاج المرض وغير ذلك من أمور دنياه أو آخرته.
وبالجملة لا تفاوت بينهم، وبين غيرهم أصلا في أمثال المقامات بل هم أيضا جازمون بأن الفعل فعل العبد، وأنه يؤثر، والأثر أثره و أنه لولاه لم يكن الأثر، أو يمكن أن لا يكون وغير ذلك، وفي الحقيقة الوجدان حاكم بما ذكرنا، والنفوس مطمئنة، وتكذيب الوجدان فاسد، وموجب لانسداد باب العلم، فيلزم منه انسداد إثبات أصول الدين.