التأثير، ويكون المؤثر غيره البتة، فكيف يكون مختارا في التأثير؟ وأيضا لو كان جميع الأفعال عند العقل من الله تعالى، فلا حاجة في إثبات النبوة إلى المعجزة، ويكون كل من ادعى النبوة صادقا في دعواه، وإن كان متنبئا، لان الغرض من المعجزة حصول العلم بكونها من الله تعالى فيظهر تصديقه عز وجل لمن جرت في يده من جهة أنه فعله تعالى، فتأمل.
وأيضا لا شك في أن قدرته تعالى عامة، وليس بعاجز من أن يخلق خلقا يفعل الأشياء بقدرته واختياره، كما أنه تعالى يفعل كذلك، فيكون ما فعله ذلك المخلوق باختياره أيضا أثر فعله تعالى واختياره، لأنه هو الذي أعطاه هذا التأثير، وخلقه فيه، وأودعه، فالمقتضي موجود: وهو عموم قدرته تعالى مضافا إلى ما مر كما أشرنا إليه، وان معرفته تعالى، واستحقاقه للعبادة، والتقرب إليه، وتعظيمه لصفاته الجلالية والجمالية، وحمده لكونه مستجمعا لجميع الكمالات، وحبه لكونه مجموعة جميع الكمالات، والخضوع له لكونه في أعلى درجة الجلال والعظمة، والخوف من سطوته لكونه في أقصى مراتب القهر والسلطنة، لا يتم إلا بكون جميع ذلك من فعل العبد و المخلوق، وباختياره وتأثيره. فلو كان جميع الأفعال فعله تعالى فكيف يتحقق هذه الأمور وأمثالها؟ فالمقتضي موجود، والمانع مفقود، فلا معنى لارتكاب مخالفة البديهة، بل ومخالفات لها كما عرفت، ولا وجه لتكذيب الوجدان والحاسة، سيما من وجوه عديدة، و ارتكاب شنائع أخرى كما عرفت.
فإن قلت: المانع أنه قد جرى في علمه تعالى الأمور والافعال، فلو