من حيث هي هي مرجوحة عند العقل إلا أنه إذا لزمها فعل ضروري، مثل: عصمة نبي، يصير رجحانها غالبا لا أن المرجوحية زالت، وكذا نجد الفرق بالبديهة بين الصدق الضروري والكذب الضروري على حسب ما نبهناك. وكذا الكلام في النسخ، غاية الامر أن العقل ربما لا يستقل بإدراك الحسن والقبح في المنسوخ، والشرع يكون كاشفا.
ويمكن الجواب أيضا عن الكل: بمنع اتحاد الحسن منها مع القبيح منها بحسب الذات والصفات اللازمة، ولا استبعاد فيه، لان الفعل من مقولة العرض، فلا مانع من أن يتميز ذات منه عن ذات بسبب انضمام زمان وأمثاله من الصفات والاعراض. ولا شك في أن مراد القائلين من بالذات ليست الحقيقة الجنسية، لتصريحهم: بأن الفعل منه حسن بالذات، ومنه قبيح، وكذا الحال في قول من قال: بالصفة اللازمة فتأمل.
واستدلوا أيضا بلزوم (1) اجتماع النقيضين إذا قيل: لأكذبن غدا، أو لأقتلن الرسول صلوات الله عليه، أو لأفعلن قبيحا.
والجواب عنه أيضا ظهر مما تقدم، إذ فرق بالبديهة بين ما ذكرت وبين لأصدقن غدا، أو لأتركن الكذب غدا وقس على ما ذكر الباقي.
مضافا إلى أن التهديد والوعيد لا يوجب أحد صدقه والوفاء به، وما نحن فيه من جملته، فلا يكون داخلا في الصدق الذي يقولون بحسن ذاته