الرواة، ومع ذلك لا يروون جميع أحكام ما سألوه، كما رووا القدر الذي سألوا.
ثم إن البداهة التي ذكرناها ربما سرت من الطبقة الأولى إلى الطبقة الثانية، ومنها إلى الثالثة، وهكذا إلى أن وصل إلينا.
وهذا في الغالب إنما هو في الأمور التي يعم بها البلوى، وأما غيرها فربما يصير كذلك أيضا بسبب وداع وتقريبات، كما أن الأمور التي تعم بها البلوى ربما تصير خفية غير ظاهرة بسبب الحوادث، كما صار في مسح الرجل في الوضوء وأمثاله، لكن في زمان الأئمة عليهم السلام أظهروا الحق فيها بحيث صارت ضرورية مذهب الشيعة، وحال الشيعة فيها كحال أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم الضروري ربما يصير خفيا بالنسبة إلى الطبقة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، وهكذا إلى أمثال زماننا. لكن بعد ملاحظة حال الطبقة الذين كان الحكم ضروريا عندهم، ربما يحصل القطع بحقية الحكم، و كونه عن رئيسهم.
كما نرى الان أن الخارج عن دين الاسلام إذا رأى المسلمين متفقين في الصلوات الخمس والاذان وغير ذلك، وأنه لا يتأمل أحد منهم فيها، بل اتفقوا كل الاتفاق، يحصل له القطع بأن هذه الأمور من رئيسهم، وأنها في دينهم.
كما أنا إذا رأينا الحنفية كلهم متفقة على طريقة، والشافعية كلهم على طريقة غير طريقة الحنفية، نجزم بأن كل واحد منهما من رئيسهما.
فما ظنك باتفاق المسلمين، أو الفرقة المحقة؟ بل إذا رأينا مقلدين لمجتهد اتفقوا على طريقة أو حكم امتازوا بهما عن غيرهم نجزم أن ذلك من مجتهدهم، فما ظنك باتفاق جميع المسلمين أو الفرقة المحقة الناجية؟ وأيضا إذا رأينا فتوى من