لا يعدون هذا مانعا من حجيتها، ولا يتزلزلون مطلقا، ولا يدرون أن حال الاجماع المنقول بخبر الواحد حال الخبر الواحد، بل في الحقيقة هو نوع من خبر الواحد، لما عرفت من أن الاجماع عندنا يرجع إلى السنة والحديث، وقد عرفت أن خبر الواحد الظني لا يكون حجة حتى يدل على حجيته دليل شرعي، وأن المعتبر والمستند في الحقيقة هو ذلك الدليل الشرعي، فلو كان ذلك الدليل شاملا للاجماع فلا وجه في التأمل في حجيته، وإلا لكان (خبر الواحد) داخلا في الظنون المحرمة وسوى الاجماع من باقي الأدلة يشمله، و الاجماع إنما يتم في حجية خبر الواحد في الجملة لا مطلقا وتمام الكلام في الرسالة.
والاعتراض عليه: بأن (السيد) و (الشيخ) ربما يريدان من الاجماع ما هو المصطلح عند العامة، لعله ليس بشئ، إذ - مضافا إلى أنه نوع تدليس - قد عرفت أن إجماع العامة حجة عند الشيعة أيضا.
والقول بأنهما يكتفيان بمجرد إجماع الجميع في عصرهما، مع قطع النظر عن قطعهما بقول المعصوم عليه السلام - فمع أنه أيضا تدليس - لا شبهة في حصول الظن منه بقول المعصوم عليه السلام إذ اتفاق جميع الشيعة في عصرهما وقبل عصرهما يورث الظن بذلك قطعا، والاجماع المنقول لا يفيد سوى الظن، والاعتراض عليه بوجدان المخالف محض الغفلة، كالاعتذار بأن المراد منه الشهرة أو غيرها، لان الاجماع عندنا ليس اتفاق الكل، بل عرفت أن كثيرا من الاجماعات كذلك.