قصرت)، هذا ولا كلام إنما الكلام في مثل المواضع التي أشرنا إليها، من أنه بمجرد اللفظ يفهم التعدي أو المخالفة، ومعلوم أن ذلك لم يتحقق إلا بمنشأ، وهو التظافر والتسامع من المسلمين أو الفقهاء، و الانس بطريقتهم، وما فهموا من فتاواهم، وما رسخ في الخواطر من معاشرتهم ومخالطتهم، فربما يكون إجماعا ضروريا، وربما يكون إجماعا نظريا، وربما يكون إجماعا ظنيا، وربما يكون مجرد الشهرة بين الفقهاء.
فلا بد من التمييز بين هذه الأقسام، فإن القسمين الأولين لا تأمل في حجيتهما، والآخرين وقع النزاع في كل واحد منهما، فلا بد من التشخيص، ومعرفة الدليل، ثم الاعتماد والفتوى.
واعلم أيضا أن التعدي ربما يصير بتنقيح المناط، وهو مثل القياس إلا أن العلة فيه منقحة، أي حصل اليقين بأن خصوصية الموضع لا دخل لها في الحكم، وكذا اليقين بعدم المانع في مورد آخر، فيجزم بالتعدي، لامتناع تخلف المعلول عن العلة. مثل قول النبي صلى الله عليه و آله وسلم للأعرابي - حين سأله:
جامعت أهلي في شهر رمضان؟ -: (كفر)، فإن القطع حاصل بأن العلة هي الجماع فيه من غير مدخلية الاعرابية، ولا كون الجماع بالزوجة الدائمة، بل المتعة والجارية، والزنا أيضا كذلك، وربما لا يحصل القطع بالنسبة إلى الزنا.
وكيف كان، فالقطع إنما حصل بالاجماع، وهو المنقح، إذ لا بد للتنقيح