فان الاجتهاد له شروط كثيرة لا يعرفها إلا المجتهدون الماهرون، و العدالة أسهل الكل.
والجواب: أن العلم العادي أو الظن القوي يحصل بكون رجل ماهرا في الفقه، طبيبا لعلاج الجهل في مسائله، وان لم يكن له وقوف بالفقه أصلا، كما هو الحال في سائر العلوم والصناعات، وكما جرت الحال في خصوص الفقه أيضا في أعصار الأئمة عليهم السلام، والأمصار، إلى الان وانه على ذلك كان المدار بلا شبهة، وغبار.
فيظهر من الاجماع أن الأئمة كانوا راضين بذلك، وأقروا، بل وأمروا كذلك. وكذا يظهر من أحاديثهم الصريحة في جواز التقليد، و غيرها من الأدلة الدالة عليه كما مرت الإشارة إليها.
ويظهر من تلك الأحاديث أنهم عليهم السلام ما جوزوا تقليد كل واحد، والعمل بكل ظن بل ما جوزوا إلا تقليد الفقيه العادل الزاهد في الدنيا، المخالف لهواه، العارف بأحكام الشرع، الناظر في الحلال و الحرام، إلى غير ذلك، بل صرح في رواية (الاحتجاج) بحرمة تقليد العالم الذي ليس كذلك، فإذا كانوا ما جوزوا الاخذ عن كل عالم، فكيف يجوز الاخذ عن كل جاهل، بل وبكل ظن؟ وأيضا إذا كانوا عليهم السلام يسألون: عمن نأخذ معالم ديننا؟ كانوا يقولون: عن فلان - أي رجل خاص - وما كانوا يرخصون الاخذ عن كل