القربة، واطمأن بأن هذه تقربه إلى الله، وبأن ذمته برئت، مع أنه كان إمام القوم، والمعصوم عليه السلام قال له: (كنت أصوب فعلا من المأمومين)، وعلل بما علل، فظهر أنه صحح اجتهاده ومستنده.
وأما السلف فلا شك في أنهم في الأعصار والأمصار كانوا يأمرون بتحصيل المعرفة في الدين والعبادة.
واستدل بعض العلماء: بأنه لو كان الاخذ من الفقيه - بغير واسطة أو بواسطة - شرطا لزم فساد عبادة أكثر العوام، وكيف يجوز الحكم بذلك؟ وفيه ما لا يخفى: فإن هذا الاستدلال نظير ما يستدل على حلية الغيبة (باستلزام) حرمتها كون أكثر الناس عاصين. و العامة يستدلون على فساد مذهب الشيعة: بأنه يستلزم كون الصحابة عاصين مرتدين إلا نادرا منهم:
وهم ثلاثة أو أربعة. على أنا قد أشرنا إلى أن عبادة أكثر العوام ليست مستجمعة لجميع شرائط الصحة قطعا، فيلزم صحتها مما ذكره.
واستدل على بطلان ما ادعى الفقهاء: - من عدم جواز التقليد في أصول الدين، وادعوا الاجماع عليه، وأقاموا البراهين العقلية والنقلية على ذلك، وقد أشرنا إليه في الجملة - بأن ذلك يستلزم كفر العوام، و هو باطل قطعا.
وفيه أن كثيرا من العوام يأخذون الدين بالدليل، والدليل على القدر الذي يدخلون في الايمان ويطمئنون عليه في غاية السهولة، ولم يشترط أكثر من ذلك، فإن دفع جميع الشكوك والشبهات واجب كفائي شأن المجتهدين